اخضوضرت الطبيعة في إقليم كردستان، وارتدت حلتها الجديدة مطرزة بالورود الحمراء والصفراء والبيضاء.. وعزفت العنادل والعصافير موسيقى الفرح، وفي كل مكان من ربوع الإقليم ثمة فراشات تلعب بفرح، وكرد يرقصون ويغنون كعادتهم، ويتزامن ذلك هذه المرة مع احتفال أخوتهم في الموصل بالربيع بعد انقطاع دام عشرين سنة.
هذا العام نرى تناغماً وانسجاماً وربيعاً يعم المناخ السياسي في العراق، إذ تغيرت اللغة المتداولة، لتعبر عن مفاهيم جديدة ورؤى مختلفة، وتحولت من مفردات المناكفات السياسية، إلى الحوار البنّاء والأخوي، فلو فككنا خطاب (نيجيرفان بارزاني) مؤخراً في بغداد، نجد لغة جديدة تتبرعم وتخضر في العلاقة إذ يقول: “لا يختلف الإقليم عن بغداد.. وأي تقدم نراه بأي مكان في العراق نعدّه تقدماً وسنكون سعداء، ويؤكد على أن حل مشاكل الإقليم يكون في بغداد بل يجب حلها هناك”.
وعلى الرغم مما يقال بشأن توقف تصدير النفط من إقليم كردستان، فإن ذلك التوقف مرتبط بأمور فنية ليس سياسية حيث التفاهمات واضحة وراسخة. إنّ واقع الحال يتجلى عن ربيع هذه العلاقات، وثمة لغة سياسية جديدة تزهر بين أربيل وبغداد، تعبر عنها الزيارات الودية المتكررة لرئيس الإقليم إلى بغداد، إذ إنها تظهر الانسجام والتناغم الواضح بينهما، حيث يُستقبل بارزاني بروح الأخوة من قبل رئيس الوزراء (محمد شياع السوداني)، فهناك تطابق واتفاق بشأن السياسة الخارجية، وما يتعلق بالسياسة النفطية، والاتفاق مع بغداد في الخيارات المصيرية والمتعلقة بسيادة العراق واحترام خياراته في تعامله مع دول الجوار، فلا يسمح الإقليم بالاعتداء على إيران من أراضي كردستان، ويتفق بالمواقف الدولية مع الحكومة العراقية بشأن طبيعة تلك العلاقات سواء مع إسرائيل أو غيرها.
وبعد ما تقدم يأمل سكان الإقليم أن تراعي القرارات والقوانين متطلبات الحياة اليومية لهم من معيشة وخدمات، وأن يشعروا ثمة معالجات تضع حداً لمشاكلهم، وكلهم يملأ قلوبهم الأمل بأن المقبل من الأيام، يحمل الكثير من تباشير الخير، فهم يضعون ثقتهم بالسياسة التي يتبعها (نيجيرفان بارزاني) لأنه يمتلك كل المواصفات والقوة والقدرة على جعل كردستان العراق مركز إشعاع للحضارة والبناء والرقي والتقدم وعلى العراق والمنطقة مع الحكومة في بغداد، فضلاً عن قناعات أكيدة بأن الحكومة الاتحادية جادة في معالجة العقبات والمشاكل بين بغداد وأربيل. انه حقاً ربيع سياسي لا يقترن بمرحلة او فصل وانما يكشف عن سمات عامة لحياة جديدة.