الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
رؤيا دافئة حقاً

بواسطة azzaman

مكاتيب عراقية

رؤيا دافئة حقاً

علي السوداني

 

لا أحد في المقهى الآن . النادل الفرعوني سي رضا ينتظر خروجي كي يغلق الباب وينام .

أراقب المناظر بشهية غير مسبوقة وأتشاجن مع خرير المزاريب .

قطرات الماء المعلقة على سياج الشرفة بدأت بالانجماد . حاولت اكتشاف تحول الماء إلى ثلج لكن ذلك لم يكن ممكناً . مسبحة الجليد تتكاثر وحبل الحديد من دون حمالات أثداء سمينة .

إقترح عليَّ رضا تناول كاسة سحلب ساخنة لتدفئة بطني والقدمين فهززت رأسي مبتسماً علامة الإمتنان والعطف .

يكاد الشارع يخلو من السيارات والمارة ، لكن الشرطي القوي لم يترك مظلته .

هو يعبث بهاتفه النقال وفمه الليلة مثل نافورة بخار .

بائع الترمس والباقلاء المسلوقة ما زال يتحسس قدوم زبون نازل من باب الحانة المزروعة بثدي الجبل . أحببت المنظر وتعاطفت معه وكنت في سبيلي للقفز نحوه وشراء بعض مسلوقاته الطيبات ، ثم بدلت فكرتي بعد أن قصف البائع المسكين صينية البضاعة بثلاث عطسات متصلات .

الناس هنا كانت تتحدث عن فايروس جديد قد يكون أشد فتكاً وهمجية من كورونا البائد .

بمستطاعي اللحظة مشاهدة سيارة سرفيس وحيدة متوقفة عند أصابع الجبل .

في الجوار يقف السائق مثل تمثال شرس بكنزة ضخمة وكوفية تستر الرأس والوجه ولا تبقي منهما سوى منفس البخار الدافىء .

أرى الآن كلباً مرقطاً يقطع الشارع بثقة عالية رغم إشارة المرور الحمراء .

يبدو أن هدفه هو حاوية القمامة المنسية بمؤخرة الزقاق .

نهضتُ على حيلي ففعل رضا ما فعلت وفي سره شكر عظيم للرب لأنني سأغادر .

اسكن بغريفة في زقاق مغلق . لديَّ مدفأة علاء الدين وقوري فرفوري وكمشة شاي وحبات هيل وراديو ساعته مؤقتة على صدحات أُم كلثوم وحليم وربما عبد الوهاب .

في الجزء المرتفع من الشارع الصغير ، ثمة ستارة تتحرك بشكل مريب .

أللهم اجعلها رؤيا دافئة !!

 

 

 

 

 


مشاهدات 33
الكاتب علي السوداني
أضيف 2025/11/25 - 3:12 PM
آخر تحديث 2025/11/26 - 5:17 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 187 الشهر 18881 الكلي 12680384
الوقت الآن
الأربعاء 2025/11/26 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير