الهروب من الواقع يفقدك زمام المواجهة

صبحي الجبوري

يعاني الكثير من البشر في أيامنا هذه من حالة ذهنية سلبية يمكن أن نسميها الهروب من الواقع بدلا من مواجهته، وهي حالة أشبه ماتكون بالإنفصال عن الواقع، لكنها تختلف عنه كونها تشكل وضعا فكريا ونفسيا يختاره الإنسان للهروب من واقع حياتي لايرغب في مواجهته أو التعامل معه. كما ان الهروب من الواقع يعني انه فعل دفاعي ينطوي على إستخدام الخيال كوسيله للإبتعاد عن كل ماينغص مسيرة الحياة من مشاكل ونزاعات للتخلص منها، اي إنه ميل للهروب من الواقع الحقيقي والهروب إلى عالم خيالي آمن ومريح، وذلك لأن الحياة الواقعيه أصبحت مرهقه وصعبة وفيها الكثير من الضغوطات. مع ذلك فإن علماء النفس يقولون إن الهروب من الواقع أمر خاطئ وعلى الإنسان أن يختلي مع نفسه ويفكر في حل مشكلاته بدلا من أن يهرب، لأنه كلما زاد هروبه منها قل الوقت الذي يستغله للتفكير في الخيارات وإيجاد الحلول اللازمة  لأخطائه وصدماته التي تجعله يفكر في الهروب من الألم بينما هو في الحقيقة يتألم بصورة أخرى مما يؤدي إلى الإنفصال عن الذات والواقع.

وهنا لابد أن نتعرف علي الأسباب التي تؤدي إلى الهروب من الواقع،  وهي كثيرة فقد يكون الواقع الذي يعيشه البعض صعبا وقاسيا بسبب ظروف الحياة وما يصاحبها من ضغوطات نفسيه وعصبية بسبب البيئة المحيطة به مع مافيها من مضايقات أو ملل وكلل، أو قد يكون ذلك نتيجة للحصار التكنولوجي الذي أصبح يحيط بالناس وما ينتج منه من صدمات عصبيه مفاجئة نتيجة لفشل تجاري أو دراسي وما شابه ذلك، كالرغبة في الإبتعاد عن المخاوف أو الأحزان وخيبات الفشل، قلة الوعي الذاتي وعدم الشعور بالرضا..لذا ومن أجل المساعدة في الإبتعاد عن الضغوط اليوميه في الحياة  والتي تدفع الإنسان للهروب من واقعه لابد من القيام بما يلي:

الإستماع للقرآن الكريم  دائما والتدبر فيه. التأمل بدقه والتركيز على الهدوء، البحث عن مكان هادئ للإسترخاء والراحة وسماع بعض الألحان الموسيقيه الهادئة المحببة للنفس، ممارسة الرياضه وخاصة  اليوجا. تخصيص وقت كافي لترك جهاز الموبايل والخروج من مواقع التواصل الإجتماعي الخاصه بك، قراءة بعض الكتب وخاصة كتب الخيال والقيام بممارسة أنشطة جديدة لم تعتد عليها، التمتع بجمال المناظر الطبيعيه وسحرها.

وأخيرا وليس آخرا نقول إن مواجهة الواقع ليست بالشئ الهين إطلاقا، لكنه أفضل بكثير من  الهروب منه والشعور الدائم بالفشل، فبدلا من أن تهرب من الواقع إبحث عن الأسباب الحقيقية التي تدفعك للهروب على أن تكون صادقا مع نفسك، وتذكر دائما إن الهروب من المشاكل لن يزيدك إلا ألما ويفقدك زمام المواجهه.