الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
ترشيد الديمقراطية

بواسطة azzaman

ترشيد الديمقراطية

نديم الجابري

 

منذ عصور فجر الســــــــــلالات (2900-2370  قبل الميلاد) ، شهدت بلاد سومر العراقية إنبثاق اول نظام ديمقراطي في التاريخ . حيث بدأت ملامح تشكيل النظام السياسي الذي تتركز السلطه العليا فيه بيد مجلس عام يضم نخبة من المواطنين يكمن في يدها القرار فيما يجب فعله من امور ادارة الدولة ،  وخاصة في الحالات الطارئة ، ولكن لم يكن بالضرورة الأخذ برأي الاغلبية انما يتخذ القرار من مجموعة مختارة داخل المجلس يدعون بمشرعي القانون.

ولم تسعفنا المكتشفات الآثارية والنصوص المسمارية عن كيفية تأسيس هذا المجلس ، وهل كان يتم بالانتخاب ام بالتعيين ، الا ان هناك إشارات بأنه كان يضم كل رجال المدينة . وهذا أمر يحتاج الى تمحيص، واغلب الظن ان المجلس كان يتكون من الوجهاء والمتنفذين وعلّية القوم.

لقد أوكل الى هذا المجلس اختيار الحاكم الذي كان يدعى في اول الامر (إن) ثم دعي ( إنسي) وفي مراحل متقدمة اصبح يدعى( لو گال ) وتعني الرجل العظيم  . ومع اختيار الحاكم وجد القصر والحاشية والأتباع وغيرهم .

لذلك نجحت الديمقراطية، الى حد ما ، في بلاد سومر لأنها ابتعدت عن الديماغوجية ، و حصرت الممارسة الديمقراطية لدى نخب محدودة .

و على نفس المنوال قامت الديمقراطية الأثينية  في القرن الخامس قبل الميلاد ، و التي تعد  أبرز ديمقراطية في العالم .

ثم طور الأثينيون الديموقراطية نحو القرن السادس قبل الميلاد في مدينة بوليس الإغريقية، وتشمل أثينا ومنطقة أتيكا المحيطة، وهي واحدة من الديمقراطيات اليونانية القديمة. و بعدها وضعت مدن إغريقية أخرى ديموقراطيات مشابهة، ولكن لم يُوثَّق أي منها بشكل جيدًا. حيث يقوم المواطنون المخولون على التصويت المباشر على التشريعات التنفيذية والقوانين.

الأهم لم تكن المشاركة مفتوحة أمام جميع سكان المدينة . إذ أن من يحق له التصويت هو الرجل البالغ ومن المواطنيين الإثينيين، أي لا يحق للعبيد و الأجانب و المرأة التصويت. و يبلغ عدد من يحق له التصويت ما بين  30,000 - 50,000 من مجموع السكان البالغ عددهم حوالي 250,000 -  300,000. و هذا يعني أن نسبة من يحق لهم الانتخاب لا تتجاوز  30 %  من مجموع السكان البالغين . و هذا النمط من التفكير ينصرف نحو ترشيد الديمقراطية من الزوايا الآتية :

‏1 - كان الإغريق يمنعون تصويت العبيد، لأن العبد حتما سينتخب سيّده مهما كان فاسدًا. مثلما يجري اليوم في العراق حيث أن الجيوش الألكترونية و المنتفعين من السلطة  تصوت الى من يمثلها أو من ينفعها حتى اذا كان فاسدا .

2 - كان الاغريق يمنعون تصويت النساء لأنهن أقل وعيا و بذلك  لا يجيدن حسن الاختيار . فضلا عن حتمية تصويتهن لأزواجهن حتى إذا كانوا من الفاسدين .

3 - كان الاغريق يمنعون تصويت الأجانب لغلق الأبواب أمام التدخلات الخارجية في شؤون بلدهم الداخلية.

عليه يمكن أن نخلص الى ما يأتي :

1 - لولا عملية الترشيد التي تم تأصيلها في الفكر السومري العراقي لما نجحت الديمقراطية في بلاد سومر .

2 - لولا عملية الترشيد التي تم تأصيلها في الفكر الإغريقي القديم لما نجحت الديمقراطية في بلاد الإغريق القديمة .

3 - و على ضوء ذلك ، يمكن القول أن الديمقراطية العراقية التي تأسست بعد 2003 لا يمكن أن تنجح إلا إذا تم ترشيدها بطريقة تتلاءم مع العصر و تتماشى معه . و ممكن الاستفادة في عملية الترشيد بملامح من الفكر السياسي الذي طرحته المجموعة التي تطلق على نفسها ( المجموعة الدينقراطية) أو ( المجموعة البرجماسية ) . فضلا عن ضرورة وضع مستوى معين من التعليم كشرط للمشاركة في التصويت و ما شابه ذلك .

 


مشاهدات 76
الكاتب نديم الجابري
أضيف 2025/08/09 - 12:43 AM
آخر تحديث 2025/08/09 - 8:19 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 757 الشهر 6677 الكلي 11401763
الوقت الآن
السبت 2025/8/9 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير