في ذكرى وفاة المجتبى

منير حداد

حفّت بشخص الحسن المجتبى، تداخلات إشكالوية، إنتقلت من قيمة الإمام المعصوم الى الخليفة الذي حقن الدماء بالتخلي عن إستحقاق إلهي؛ تنبأ به الرسول.. صلى الله عليه وآله: “يصلح بين فئتين”.وإذ تحل ذكرى وفاته في الخامس من ربيع الأول 50 هـ، فقد وجب علينا إنتهازها في رفع الغبن التاريخي الضاغط على عظمة أبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيُّ الْقُرَشِيُّ، كريم آل البيت.. سبط الرسول محمد.. صلى الله عليه وآله، صَحابيّ، وخامس الخلفاء الراشدين عند أهل السنة والجماعة، وثاني الأئمة المعصومين في الفقه الجعفري، لقَّبه النبي بسَيِّدِ شَبَابِ أَهْلِ لْجَنَّةِ، قائلاً: «لْحَسَنُ وَلْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ لْجَنَّةِ» ورابع أصحاب الكساء.. دعى له النبي: «للَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ».شارك في عهد عثمان، بفتح إفريقيا وطَبَرِستان وجُرجان، وفي عهد أبيه الإمام علي.. عليه السلام، قاتل في مَوقِعةَ الجمل ومعركةَ صفين، بويع بخلافة محتقنة عام 40 هـ بعد وفاة عليِّ بْنِ أبي طالب في الكوفة، إستمرت ستة أشهر، ثم تنازل عنها لمعاويةَ بْنِ أبي سفيان، منتقلاً الى المدينة المنورة وعاش هناك بقية حياته حتى تُوفي، ودفن في البقيع.

لم يجد رجالاً فتخلى عن السلطة؛ لأن العشائر تقاتلت بين يديه في مسجد الكوفة، مدركاً ألا نصر برجال كهؤلاء، وقد دالت خلافة الشيطان ورجحت كفة الباطل في دمشق، بينما الكوفة تتآكل بإنقسامات عشائرها إصطراعاً.تخليه عن الحكم، أحدث كارثة إجتماعية، بحق مؤازري علي ضد معاوية الذي لم تمنعه أخلاقه من التنكيل بهم، كما لو يثأر لأهله الطلقاء... ومن بين أتباع علي.. عليه السلام، الشاعر الكميل، الذي فرّ عشرين عاماً جيء بعدها بالكميل، فكان ما لا يحسن ذكره في هذا المقال.المهم إنكشف جانب الكوفة وإنفتحت مقاتلها لمعاوية بإقامة الحسن في المدينة معتزلاً السياسة لكنه منعها عن معاوية الذي وطأها مرة فكاد لا ينجو؛ مغرراً بإحدى زوجات الحسن؛ لتسممه.. روحي فداه.عسكرياً يجب أن يتوقف الباحثون عن رؤى الحسن، الذي شف المستقبل، بلماحية فائقة؛ مضحياً بهيلمان السلطة، من أجل أن تعيش الناس سلاماً فوق أديم أرض قلقة.ستة أشهر من خلافة الحسن، شكلت فترة إختبارية إستخدم خلالها.. عليه السلام، مجسات أسفرت عن تقييم مجتمعي ليس بصالح العراقيين؛ فزهد بعرش خلافة يديمه بالدم والجماجم، لأن رجاله يتذبذبون بين اللا حرب واللا سلام، في موقفهم من معاوية.و... حسمها؛ متصالحاً مع أطماع معاوية الدنيوية، وإنقطع الى الآخرة؛ من دون أن يسمح لمعاوية بمد خلافته الى نطاق المدينة المنورة، ما دام الحسن فيها؛ فلم يجد معاوية بدهائه إلا التخلص منه؛ كي يستعيد الممدينة المنورة الملتفة حول شخص الحسن إيمانياً بعد طي الصفحة العسكرية والنزول من عرش الخلافة الذي إغتر به معاوية مبحراً في محيطات من الدم، حتى مات غارقاً في آثامه التي ورَّثها ولده يزيد.سلام على الحسن المجتبي.. يوم ولد ويوم تخلى عن الدنيا ويوم تقطع كبده مسموماً بدسيسة خسيسة دبرها معاوية بالتشاور مع النساء؛ كي تخلو الدنيا له ولا نصيب له من الآخرة.