الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أصوات تُلقى في الصندوق ومصائر تُرسم خارجه

بواسطة azzaman

أصوات تُلقى في الصندوق ومصائر تُرسم خارجه

مرتضى الكعبي

 

مع اقتراب موعد الانتخابات العراقية، تعود ذات الأسئلة لتُطرح بإلحاح: هل ستكون هذه الانتخابات مختلفة؟ هل ستُفضي إلى تغيير حقيقي؟ أم أننا سنشهد جولة جديدة من الوعود القديمة، والوجوه ذاتها التي لم تغادر المشهد منذ سنوات؟ رغم كل الشعارات التي تُرفع، يواجه المواطن العراقي مشهدًا سياسيًا راكدًا، تتقدمه قوى تقليدية تتبادل المواقع وتعيد رسم تحالفاتها، دون أن تتغير في الجوهر. منذ 2005 وحتى اليوم، جرت أكثر من خمس دورات انتخابية، لكنّ القاسم المشترك بينها جميعًا هو عودة ذات القوى السياسية، بصيغ مختلفة وتحالفات جديدة، تحمل نفس العناوين وإن بدّلت مواقعها. المواطن الذي يُمنح الحق في التصويت، يشعر في الغالب بأن صوته لا ينعكس على الواقع المعيشي، ولا يحول دون عودة الأزمات المزمنة: الكهرباء، البطالة، الفساد، وضعف الأمن والخدمات. الشارع العراقي بات مدركًا أن صناديق الاقتراع كثيرًا ما تُفضي إلى توافقات سياسية ما بعد الانتخابات، تتجاوز ما عبّر عنه الناخب في يوم التصويت، مما يفرغ العملية من مضمونها الديمقراطي، ويجعلها أقرب إلى «إجراء شكلي» يُبرر توزيع السلطة أكثر مما يعيد بناؤها. ولعل أخطر ما تواجهه العملية السياسية اليوم، ليس العزوف عن المشاركة فحسب، بل فقدان الثقة الكامل بمخرجات النظام الانتخابي، سواء على مستوى الشفافية، أو العدالة في احتساب الأصوات، أو جدية المفوضية المستقلة في معالجة الخروقات. في ظل هذا الواقع، تتحول الانتخابات من أداة تغيير إلى وسيلة تدوير، يُعاد عبرها إنتاج نفس الطبقة، مع تغييرات محدودة لا تمس جوهر الأزمة. المواطن ينتخب، لكنه لا يقرر؛ يصوّت، لكنه لا يرى نتائج ملموسة تنعكس على حياته اليومية. التحدي الحقيقي ليس في عدد المشاركين، بل في إعادة الثقة بالعملية الانتخابية نفسها. لا يمكن الحديث عن ديمقراطية فعالة في ظل غياب ضمانات النزاهة، واستمرار تغليب المصالح الحزبية على المصلحة العامة، وغياب القوانين الرادعة لتجاوز المال السياسي، وشراء الأصوات، واستغلال النفوذ. إن المواطن العراقي، الذي واجه الحروب والحصار والانقسامات والدمار، يستحق نظامًا انتخابيًا يُمثله بحق، ويمنحه فرصة حقيقية للمشاركة في بناء دولة قادرة، عادلة، ومواكبة لعصرها. ولن يتحقق ذلك إلا بإرادة سياسية تضع الوطن فوق الحزب، والمواطن قبل الكرسي، وتعيد الاعتبار لصوت الناخب كأداة تغيير حقيقية، لا مجرد ورقة تُرمى في صندوق، وتُنسى بعد إعلان النتائج.

 

 

 


مشاهدات 94
الكاتب مرتضى الكعبي
أضيف 2025/07/23 - 3:39 PM
آخر تحديث 2025/07/25 - 1:33 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 54 الشهر 16269 الكلي 11169881
الوقت الآن
الجمعة 2025/7/25 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير