أنا وهند وفيصل ورائحة القهوة
علي السوداني
حدث هذا الأمر قبل نحو خمس عشرة سنة بمضافة الراحل الكبير المتعدد المواهب والإشتغالات فيصل الياسري ، وتكرر بأيام أُخر .
حدثته عن فكرة عودة الحياة إلى فن التمثيلية الواحدة التي كنا نتحلق حول الشاشة الصغيرة لمشاهدتها كمادة لذيذة لسهرة ممتعة لا تعبر منتصف الليل حتى يعلن التلفزيون عن نهاية برامجه بصوت الوشة ومنظرها الذي يشبه ربع مليون نملة ونملة !
إستأنس وأعجب أستاذي بالمسألة وأضاف لها فكرة الثلاثية وربما السباعية وجئنا معاً على أعمال ظلت قائمة لابطة بالذاكرة مثل عبود يغني خاصة يوسف العاني ، وكان الوقوف طويلاً عند تمثيلية رائحة القهوة وبطلتها الرائعة هند كامل صحبة الكبير قاسم الملّاك وأثاث حانة بغدادية معتقة صارت فخاً لقاسم ودرساً في النواح المجيد !
سألته أن يعرض التمثيلية هذه على شاشة قناته الديار ، فقال أنه لا يملك نسخة منها وربما توفرت نسخة تحت اليمين لكنها غير صالحة للعرض حالها من حال جل مواد الأرشيف العراقي الفني والرياضي والسياسي المتخلف حفظاً وصوتاً وصورة !
بمصادفة رحيمة وبتحويلة مباغتة وبمستقر على وجه شاشة العراقية الثانية ، كانت بداية عرض تلك التمثيلية المدهشة . تابعتها بشغف وشوق ومقترح دمعة محبوسة كما لو أنني قائم على كرسي قديم مسور بدعاء الأُم لرازقية بالنجاة ولبرهوم بالعقاب ، لكن النهاية لم تكن كما تمنى القلب ، حيث ماتت رازقية الحلوة وأصيب إبراهيم بداء الندم العظيم ، وهام على وجهه الفأري الصغير ، حاملاً بيمينه دلة قهوة لذيذة وفناجين تموسق الفجيعة على سلّم الغياب .
من مقهى إلى ثانية وثالثة وعاشرة ، ونداء عليل للناس والصحب وعابري السبيل ، أن احتسوا قهوتي العامرة وتذوقوا روح رازقية وعطرها الذي ما زال مدافاً بأذيال السرير .
يا إلهي كأنني أكتب مرثية جديدة لعزيزي فيصل !