الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الربا بحد ذاته مشكلة كبيرة

بواسطة azzaman

الربا بحد ذاته مشكلة كبيرة

جاسم محمد حمزة

 

تُعدّ ظاهرة الربا من أبرز المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالنسيج المجتمعي وتؤدي الى زعزعة الاستقرار المالي والمعيشي ، إذ يقوم نظامها على استغلال حاجة الأفراد عن طريق فرض زيادات مالية غير مشروعة على أصل القروض أو المعاملات من دون أنْ تقابلها منفعة حقيقية أو مجهود ملموس ممّا يؤدي إلى تراكم الديون وتآكل الدخول وانخفاض القدرة الشرائية وانتشار الفقر والبطالة واتساع الهوة بين الطبقات.

يُعرّف الربا بأنّه كل زيادة مشروطة تُفرض على أصل الدين مقابل تمديد الوقت أو التأخير في السَّداد من دون مقابل مشروع وهو ما يُناقض قواعد العدالة الاقتصادية والتكافؤ في المعاملات. ويمكن التمييز بين نوعين أساسيين من الربا هما ربا القروض الذي يقوم على منح مبالغ مالية مع اشتراط الزيادة عند السَّداد وربا المعاملات الذي يتمثل في التبادل غير المتكافئ في الوزن والنوعية بالنسبة للسلع المتجانسة كالقمح والذهب وغيرها من المواد والمنتجات الاخرى .

تتعدد العوامل التي تشجع على تفشي هذه الظاهرة لعل من أبرزها الجهل بالأحكام القانونية وغياب الرقابة المالية على النشاطات غير النظامية وانعدام الوعي المجتمعي بالمخاطر الاقتصادية والاجتماعية المترتبة عليها فضلًا عن قلة وجود البدائل المالية المشروعة مثل المصارف التي تعتمد أنظمة تمويل عادلة وصناديق الدعم والتكافل الاجتماعي ، كما يُعدّ الجشع واستغلال الحاجة من أبرز الدوافع التي تقف وراء سلوكيات المقرضين.

تنعكس آثار الربا بشكل خطير على بنية المجتمع ، إذ تؤدي إلى إضعاف روح التضامن الاجتماعي وانتشار الجريمة وانعدام ثقة المواطن بالمؤسسات المالية فضلاً عن حصر الثروة بأيدي قلة وتحجيم فرص الاستثمار المنتج الذي يعتمد على المخاطرة والعمل والكفاءةومن الناحية القانونية فقد نص قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 في المادة 465 على تجريم الربا بنص واضح ، إذ يُعاقب بالحبس مدة من سنة إلى ثلاث سنوات أو بالغرامة المالية كل من أقرض مالاً بفائدة فاحشة تتجاوز النسب القانونية، وفي حالة تكرار المقرض للجريمة خلال ثلاث سنوات تكون العقوبة السجن المؤقت لمدة لا تزيد على عشرة سنوات وتُعد هذه الجريمة من المخالفات التي تَمِسّ الثقة العامة والاستقرار المالي لما فيها من استغلال وظلم اقتصادي واضح.ولمعالجة هذه الظاهرة لا بد من تبني سياسات متكاملة تبدأ بتشريع قوانين أشد صرامة ضد التعاملات الربوية وتفعيل الرقابة الفاعلة على المؤسسات والأفراد ومن ثم توسيع الوعي المجتمعي بمخاطر الربا والتعريف بالبدائل المشروعة مثل التمويل عبر التقسيط المنضبط والجمعيات التعاونية وصناديق الدعم التنموي كما أن تمكين الفئات الفقيرة والمتوسطة اقتصاديًا وتوفير فرص عمل كافية يُعد من الخطوات الجوهرية للحد من اعتمادهم على القروض الاستغلالية.إن مواجهة ظاهرة الربا تتطلب اهتماماً كبيراً وحلاّ عاجلاً وذلك بتضافر جهود الدولة والمجتمع والمؤسسات المعنية لبناء منظومة اقتصادية عادلة تضع الإنسان وكرامته في مركز المعادلة وتحقق التنمية المتوازنة والاستقرار الاجتماعي .

 

 

 

 

 


مشاهدات 41
الكاتب جاسم محمد حمزة
أضيف 2025/06/30 - 3:08 PM
آخر تحديث 2025/07/01 - 10:39 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 265 الشهر 265 الكلي 11153877
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/7/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير