سراب الأمل
هدير الجبوري
أنتِ، يا من تمرين في الحياة وكأنكِ تسيرين على أطراف حلم ضاع بين يديكِ
وكنت تحلمين دوما بأن نوراً يوما ما سيشع في حياتكِ بعد سنوات الألم
والخذلان الذي كان يضلل حياتك.. في أعماقكِ كنت تحلمين دائماً أن الحياة ستبتسم لكِ في لحظة ما، وأنكِ ستجدين ذلك الضوء الذي يقودكِ إلى مكان آخروإلى حياة كنتِ تتمنينها، لكنك اكتشفت ان هذا الضوء لم يكن إلا سرابا.
أنتِ التي نشأتِ في عالم لا يتناغم مع روحكِ وعشت في بيئة غريبة عن أحاسيسكِ، والدروب التي سلكتها كانت مظلمة والوجوه فيها لا تعرف سوى القسوة.. كنتِ زهرة برية نشأت في أرض لا تجد فيها ما يعينها على النمو، وعلى الرغم من ذلك، كنتِ تحاولين أن تكوني جزءاً من هذا العالم، تكافحين لتجدين مكانكِ وسط القيود التي تحاصركِ. مررتِ بأيام صعبة، تعلمتِ فيها أن الأمل ليس سوى حلم بعيد، وأن الخذلان كان رفيقك الدائم. لكنك عدت لتتلمسي ذلك النور، ذلك الشعاع البعيد الذي لمحتِه في الأفق، وظننت انك به ستشعرين اخيراً بأن هناك شيئا قد تغير. وأن الحياة قد قررت أخيرا أن تبتسم لكِ، وأن كل الجراح التي خضتها ستنتهي.
ذاك الضوء لم يكن إلا سراباً نسجه خيالك وظل يبتعد كلما اقتربتِ منه، تاركا إياكِ أمام حقيقة مرّة: أن الحياة لا تزال قاسية كما كانت وأن ما ظننتِه بداية جديدة لم يكن سوى جرح آخر يضاف إلى جراحاتك ... ورغم كل ذلك وبرغم كل الخيبات التي مررتِ بها وقد لا تكونين قد وجدتي الأمل الذي كنتِ تبحثين عنه، لكن هناك في أعماقكِ شيئاً لا يموت، شيئاً أقوى من كل ما مررتِ به. تلك القوة التي تجعل قلبكِ ينبض رغم الجراح، تلك العزيمة التي تظل حية في روحكِ وكل ماكان يسحبكِ إلى قاع اليأس.
أنتِ، يا من يظن الناس أنكِ غامضة بسبب صمتكِ وحزنك، أنتِ أكثر النساء قوة لأنكِ في لحظات الألم لا تفقدين نفسكِ.. عودي الى ذاتك الجميلة وكوني جميلة في قوتكِ، في صبركِ، في الطريقة التي تواجهين بها هذا العالم الذي لا يفهمكِ.