الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
إيران أمام الخيارات الصعبة.. قاصفات أمريكا وتخلّي روسيا وصمت الصين وتربّص إسرائيل

بواسطة azzaman

إيران أمام الخيارات الصعبة.. قاصفات أمريكا وتخلّي روسيا وصمت الصين وتربّص إسرائيل

ضرغام زهير فخري

 

مقدمة:

تمرّ إيران بمنعطف تاريخي حاد وسط عاصفة من التهديدات العسكرية والسياسية التي لم تشهد مثيلاً لها منذ عقود. فالتخلي الروسي العلني والصمت الصيني المريب والتحركات العسكرية الأمريكية الغير مسبوقة إلى جانب التربّص الإسرائيلي يجعل من الوضع الإيراني أزمة متعددة الأوجه مع خيارات محدودة ومعقدة بل وخطيرة.

عُمان: الوسيط الحذر

أعلنت سلطنة عُمان المعروفة بدورها الوسيط والمحايد استضافة جولة المفاوضات الحاسمة يوم السبت المقبل بين المبعوث الأمريكي ووزير الخارجية الإيراني. ويُعزى هذا الاختيار إلى العلاقات القوية التي تربط عُمان بكلا الطرفين وسعيها الجاد لتفادي اندلاع صراع في الخليج ستكون له تبعات مدمرة خاصةً على دول مجلس التعاون.

هوية المفاوضين: بين الحنكة والدهشة.

رجل اعمال

الجانب الأمريكي: ستيفن ويتكوف

في خطوة مفاجئة عيّن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صديقه المقرب ستيفن تشارلز ويتكوف رجل الأعمال اليهودي المعروف مبعوثًا خاصًا للشرق الأوسط.

من مواليد 1957 يهودي من نيويورك.

مؤسس مجموعة «ويتكوف» العقارية.

لا يمتلك خلفية دبلوماسية أو سياسية.

ساهم مؤخراً في جهود وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس.

داعم مالي معروف لإسرائيل.

ترشيحه أثار غضبًا في طهران التي اعتبرت الخطوة استفزازًا متعمدًا في توقيت حساس.

الجانب الإيراني: عباس عراقجي

في المقابل اختارت إيران وزير خارجيتها عباس عراقجي أحد أبرز الشخصيات الدبلوماسية في البلاد:

مواليد طهران 1962.

حاصل على الدكتوراه من بريطانيا.

ضابط سابق في الحرس الثوري.

شغل مناصب دبلوماسية في فنلندا واليابان.

كبير مفاوضي إيران في الملف النووي.

يُعرف بالحنكة والرؤية الاستراتيجية والخبرة الواسعة في التفاوض مع الغرب.

الشروط الأمريكية: القائمة المستحيلة

تقدّمت واشنطن بشروط صارمة تُعد بمثابة استسلام كامل للبرنامج النووي والنفوذ الإيراني وتشمل:

تفكيك كامل للمفاعلات النووية الإيرانية ومصادرتها وتدمير المرافق التابعة لها.

تسليم كافة الوثائق المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني إلى أمريكا.

ترحيل العلماء النوويين إلى الولايات المتحدة.

نزع السلاح الصاروخي بالكامل وتدمير مصانع الأسلحة.

تفكيك ترسانة الطائرات المسيّرة وتدمير خطوط الانتاج بشكل كامل.

حل الحرس الثوري الإيراني.

السماح إلى لجان التفتيش التجول الحر وتفتيش جميع المنشأت العسكرية والأمنية.

إنهاء الدعم العسكري للاذرع الإيراني.

إنهاء التواجد الإيراني العسكري في الخارج.

ايقاف برنامج تصدير الثورة الإسلامية وايقاف الشعارات الرنانة ضد أمريكا وإسرائيل.

المواقف الدولية: لعبة المصالح المعقّدة

روسيا: والتخلي المحسوب

أعلنت موسكو رسميًا أنها غير ملزمة بالدفاع عن إيران ولاتوجد أي اتفاقيات دفاع مشترك بينها وبين إيران.

حصلت على ضمانات أمريكية برفع أسعار النفط لتعويض خسائرها في الحرب الأوكرانية.

ستشارك بلوجستيات تفكيك البرنامج النووي

حصلت على تسهيلات تجارية وأعفاءات جمركية من واشنطن.

الصين: الصمت الاستراتيجي

التزمت بكين الحياد لكنها تتابع تطورات الخليج بدقة.

ترى في الانشغال الأمريكي فرصة لتوسيع نفوذها الاقتصادي العالمي.

تترقب لحظة مناسبة لتوجيه أنظارها نحو

أستعادة تايوان

لا ترغب بمواجهة مباشرة الآن لكنها تحصد المكاسب بهدوء.

موقف دول الخليج: بين الحذر والدعم المشروط

تشهد دول الخليج وفي مقدمتها السعودية الإمارات، البحرين، والكويت حالة من الترقب الحذر تجاه الأزمة المتصاعدة بين الولايات المتحدة وإيران. ورغم تباين المواقف العلنية بين التشدد والتهدئة إلا أن هناك قواسم مشتركة بين دول الخليج في تعاطيها مع الحدث أبرزها:

1. السعودية والإمارات: دعم ضمني للتصعيد الأمريكي

تُظهر الرياض وأبوظبي تأييدًا واضحًا لأي خطوات تهدف لتقييد النفوذ الإيراني خاصة في اليمن، العراق، سوريا ولبنان.

تعتبران أن الضغوط الأمريكية فرصة لتقليم أظافر طهران إقليميًا.

تسعيان في الوقت نفسه لتفادي الانزلاق إلى مواجهة شاملة تُهدد استقرار الخليج.

2. البحرين: موقف متماهي مع السعودية

تتبنى البحرين موقفًا مطابقًا تقريبًا للموقف السعودي، نظرًا للتحالف السياسي والعسكري الوثيق.

تعاني من تهديدات أمنية داخلية مرتبطة بإيران ما يجعلها تؤيد بشدة أي تحركات لردع طهران.

3. الكويت وقطر وعُمان: التوازن والدبلوماسية

الكويت تحافظ على نهج معتدل وتدعو إلى تغليب الحوار.

قطر، رغم علاقاتها الهادئة مع إيران تسعى لعدم خسارة تحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة.

عُمان تواصل لعب دور الوسيط التاريخي وترفض أي تصعيد عسكري في المنطقة وتحذر من تبعاته الكارثية.

4. مخاوف خليجية مشتركة:

خشية من استهداف المنشآت النفطية والبنى التحتية الحيوية.

قلق من تدفق موجات لجوء أو اضطرابات اقتصادية في حال نشوب صراع شامل.

احتمال تكرار سيناريو ضربات 2019 على منشآت «أرامكو» ولكن بشكل أوسع وأكثر عنفًا.

الموقف الإيراني: مراوغة محسوبة

تسعى طهران إلى كسب الوقت لكنها باتت تدرك حدود المناورة.

تحاول تقديم تنازلات شكلية لامتصاص الضغط الأمريكي.

قد تضطر للتخلي عن  أذرعها الإقليمية بالشكل الكامل .

تقديم صفقات أقتصادية مغرية لأمريكا.

عرض تعاون أمني عسكري مشترك في المنطقة.

التوقف عن شعارات الثورة الإسلامية الرنانة  ضد أمريكا وإسرائيل.

الحفاظ على بقاء النظام يُعد الهدف الأعلى للقيادة الإيرانية ولو على حساب بعض المكاسب السابقة.

الاستعداد الأمريكي: ساعة الصفر

تم حشد أكثر من 300 ألف جندي في قواعد محيطة بإيران.

نصف القدرات الجوية الأمريكية في المنطقة موجهة نحو إيران.

حاملات طائرات ومدمرات بحرية في مواقع هجومية.

ترامب أعلن صراحة: «السبت هو يوم الحسم... إما مفاوضات، أو ضربات لم يسبق لها مثيل»

الاستنتاجات :

إيران تقف على حافة الهاوية في مفترق طرق مصيري.

الروس والصينيون يتخلون عن دعم مباشر ويبحثون عن مصالحهم.

واشنطن وإسرائيل مصممين على إنهاء «التهديد الإيراني» بشكل نهائي وجذري.

عُمان تلعب دورًا شجاعًا وجريئ لكنه محفوف بالمخاطر و محدود التأثير.

إسرائيل قد تكون رأس الحربة في أي ضربة قادمة وقد تستبق أي اتفاق.

أغلب المطالب الأمريكية غير معقولة وغير مقبولة.

تنفيذ المطالب الأمريكية يعني عملية إذلال واستسلام وهذا أمر مستحيل ترفضه القيادة الإيرانية العليا.

النظام الإيراني قد يقدّم تنازلات قاسية  حفاظًا على بقائه لكنه سيفقد الكثير من نفوذه في المنطقة.

النظام الإيراني أمام اختبار بقاء غير مسبوق        أمام الاستجابة لكل المطالب او نهاية مؤلمة.

الخاتمة:

تجد إيران نفسها اليوم في موقف بالغ الحرج والتعقيد بعد أن تخلّت عنها حليفتاها الاستراتيجيتان روسيا والصين في لحظة مفصلية من تاريخ المواجهة مع الغرب. فقد بات من الواضح أن موسكو لا تنوي الدفاع عن طهران في حال تعرضت لهجوم عسكري وهو موقف ليس بجديد على السياسة الروسية التي كثيرًا ما تخلت عن حلفائها في أوقات الشدة كما حدث مع جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق ودول الشرق الأوسط. وفي المقابل تلتزم بكين صمتًا محسوبًا مدفوعة برغبة في رؤية الولايات المتحدة تستنزف قواها في الشرق الأوسط دون أن تتورط بشكل مباشر. وفي ظل هذا الواقع تواجه إيران تصعيدًا غير مسبوق يتمثل في الحشود الأمريكية الكبيرة في محيطها وتهديدات إسرائيلية دقيقة تستهدف منشآتها النووية فيما يبدو أن طهران لم تعد تملك رفاهية المماطلة أو كسب الوقت. ومع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن موعد حاسم للمفاوضات مقرونًا بتهديدات بضربات غير مسبوقة تدخل الأزمة الإيرانية مرحلة جديدة تتطلب من القيادة الإيرانية قرارات مصيرية لا تحتمل التأجيل.

 

 


مشاهدات 54
الكاتب ضرغام زهير فخري
أضيف 2025/04/14 - 4:03 PM
آخر تحديث 2025/04/16 - 7:29 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 332 الشهر 15367 الكلي 10596014
الوقت الآن
الأربعاء 2025/4/16 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير