ترامب يشعل الحرب الإقتصادية على الصين
حسين الفلوجي
بعد الحرب العالمية الثانية، برز الاتحاد السوفيتي كقوة منافسة لأمريكا والعالم الغربي. فتقدّمت أمريكا لقيادة المعسكر الغربي في مواجهة المد الشيوعي، فانقسم العالم في ذلك الوقت إلى معسكرين: شرقي وغربي. ومع مرور الزمن، انهارت التجربة السوفيتية ومعظم الدول التي تعاطفت مع المعسكر الشرقي، ولم تصمد أمام تلك الضغوط إلا الصين. بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، وجّهت أمريكا بوصلتها نحو العالم الإسلامي، معتبرة أن الثقافة العربية الإسلامية خصمًا وجوديًا لها. مما أدخلها في حروب مباشرة، متعمدة إشعال نزاعات طائفية لا تبقي ولا تذر، لكنها – أي أمريكا – قد اصطدمت بواقع مغاير لما كانت تخطط له، فانتهى الأمر أو هذا المسار بالاعتراف بالأخطاء والانسحاب من معركة اعتبرها ترامب خاسرة ولا فائدة منها.
نموذج اقتصادي
خلال تلك السنوات، كانت الصين تبني بهدوء نموذجها الاقتصادي والحضاري والثقافي، متعلمة من تجربة السوفييت. حيث ركزت على الاقتصاد كوسيلة لاستنهاض المجتمع الصيني وبناء تجربتها الجديدة، الأمر الذي مكّنها من التحول من دولة فقيرة إلى واحدة من أكبر اقتصادات العالم.
وبينما كانت أمريكا منشغلة بصراعات جانبية، تمددت الصين بهدوء نحو معظم دول العالم، حتى أصبحت اليوم تشكل التهديد الأبرز للنموذج الغربي.
عام 2021، أدركت الولايات المتحدة متأخرة حجم الخطر القادم إليها من الصين، فأوقفت حربها ضد العالم الإسلامي، لتبدأ مواجهة جديدة مع الصين. كل المؤشرات والمعطيات تؤكد على أن الحرب القادمة ستكون مختلفة، فبدلًا من المدافع والدبابات وسباق التسلح، ستكون حربًا اقتصادية بامتياز. الصين لم تتوسع عسكريًا أو سياسيًا، بل نفذت إلى الأسواق عبر منتجاتها الرخيصة والمشاريع الكبرى كالحزام والطريق، لتربط الاقتصاد العالمي بالمصنع الصيني.
وبناءً عليه، فإن الدول التي تفكر بالتقارب مع الصين ستتلقى ضغوطًا وعقوبات اقتصادية لها أول وليس لها آخر، بينما ستُكافأ الدول المتعاونة مع أمريكا اقتصاديًا.
ما فعله ترامب من فوضى في التعرفة الكمركية لم يكن عبثًا، بل كان تمهيدًا لهذه الحرب الجديدة، حيث الصين هي الهدف الأول، وكل من يتعاطف معها سيكون تحت المجهر.
سياسي مستقل