الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
كرامة المتهم وحماية حقوقه أثناء التحقيق وفق الدستور العراقي والدستور الأمريكي

بواسطة azzaman

كرامة المتهم وحماية حقوقه أثناء التحقيق وفق الدستور العراقي والدستور الأميركي

سيف الحلفي

 

   إن حماية حقوق الإنسان أثناء مراحل التحقيق الأولي والابتدائي هي تمثل الركيزة الأساسية لتحقيق العدالة وصيانة الكرامة الإنسانية وهذا ماتنص عليه جميع الدساتير والقوانين الوضعية

   وتأتي أهمية هذه الحماية بشكل خاص عند التعامل مع المتهمين نظرًا لوضعهم الحساس في مواجهة سلطات التحقيق التي قد تلجأ وللأسف على التجاوز في استخدام أساليب التحقيق النمطية إلى أساليب تحقيق فيها نوع كبير من الاهانة الإنسانية والتعذيب النفسي والجسدي المتهم

   من هنا كان من الضروري التطرق إلى القواعد الدستورية والقانونية ومقارنتها بين الأنظمة القانونية والدستورية لبعض الدول وأخذنا مثالين بشكل عام لا الحصر هما ماتبع  في العراق والولايات المتحدة الأمريكية التي ترسخ هذا الحق

   سنحاول ان نقيم بعض المواد للمقارنة مقارنة مدى تطبيق هذه المبادئ في الواقع العملي.

أولاً: حماية حقوق المتهم في الدستور العراقي

   أقر الدستور العراقي لسنة 2005 العديد من المواد التي تحمي الحقوق والحريات الأساسية، لا سيما فيما يتعلق بحقوق المتهمين:

               المادة 15:

“لكل فرد الحق في الحياة والأمن والحرية، ولا يجوز حرمانه من هذه الحقوق أو تقييدها إلا وفقًا للقانون وبناءً على قرار قضائي.”

               المادة 19/ثالثًا:

“التقاضي حق مصون ومكفول للجميع.”

               المادة 19/رابعًا:

“حق الدفاع مقدس ومكفول في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة.”

               المادة 19/خامسًا:

“للمتهم الحق في توكيل محام يدافع عنه، وعلى الدولة توفير محام لمن لا يستطيع توكيل محامٍ في الجرائم الجنايات.”

‼ المادة 19/ 13 / تعرض أوراق التحقيق الابتدائي على القاضي المختص (خلال مدة لاتتجاوز أربعا وعشرين ساعة من حين القبض على المتهم ) والف علامة تعجب عليها ولايجوز تمديدها إلا مرة واحدة 1️⃣ وللمدة ذاتها

 ‼???? فالف علامة تعجب ⁉ عليها هل هذا معمول في العراق ????????

               المادة 37/ب:

“يحظر جميع أنواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الإنسانية أثناء التحقيق.”

ثانياً: حماية حقوق المتهم وفق قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي

   ينص قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم 23 لسنة 1971 المعدل على حماية حقوق المتهم خلال التحقيق الابتدائي:

               المادة 123:

???? القاضي يبلغ المتهم بان  له الحق في السكوت ولا يستنتج من هذا الحق أي قرينة ضده

“للمتهم الحق في حضور محام معه أثناء التحقيق، وله أن يطلب حضور محامٍ ينتدبه الدفاع عنه إذا لم يكن له محامٍ.”

               المادة 126:

لايجبر المتهم على الإجابة على الاسئلة التي توجه ضده

‼ وإذا رفض المتهم الإجابة بدون وجود محام، وجب تأجيل التحقيق حتى حضور المحامي.”

‼ وهنا نتساؤل مدى التطبيق العملي لهذه المادة من قبل محاكم الجزاء واجراءات التحقيقي في مراكز الشرطة او اجهزة الأمنية والمخابرات

‼ وهل يتم الخضوع لسلطة الإشراف القضائي ومراقبة نقابة المحامين العراقيين

               المادة 127:

“لا يجوز استعمال أي وسيلة غير مشروعة للتأثير على المتهم للحصول على أقواله،

‼ ويعد من الوسائل غير المشروعة إساءة المعاملة، والتهديد بالإيذاء، والإغراء، والوعود، والضغط النفسي أو البدني.”

‼ وايضاً نتساءل عن مدى الإشراف القضائي ودور نقابة المحامين في مراقبة مراكز التحقيق الابتدائي

اذن نلاحظ

‼ وفق القانون العراقي، لا يجوز استجواب المتهم أو تدوين أقواله بدون وجود محامي

‼ كما يمنع استخدام أي وسيلة ضغط ضده.

‼ ولكن لماذا نسمع الكثير من التقارير التي تفيد في تقييد سلطة المحامين في حضور مراحل التحقيق الابتدائي لدى مراكز الشرطة

‼  لماذا نسمع الكثير من التقارير التي تتحدث عنصريات وصعوبات بالغة في حصول المحامي على وكالة جزائيةمن المتهم لتمثيله

 ‼ لماذا نسمع بين الحين والآخر على إساءة معاملة المتهمين من خلال التعذيب النفسي والجسدي

ثالثًا: حماية حقوق المتهم وفق الدستور والقانون الأميركي

في الولايات المتحدة، حماية حقوق المتهم أصبحت من البديهيات الدستورية الواجب تنفيذها ويدرس هذا الحق حتى في المدارس الثانوية للشباب

            التعديل الخامس للدستور الأميركي (Fifth Amendment):

“لا يجوز إجبار أي شخص على الشهادة ضد نفسه في أية قضية جنائية.”

            التعديل السادس للدستور الأميركي (Sixth Amendment):

“لكل متهم الحق في الاستعانة بمحام للدفاع عنه.”

            ‼ مبدأ “تحذير ميراندا” (Miranda Warning):

نتيجة لحكم المحكمة العليا الأمريكية عام 1966 في قضية Miranda v. Arizona

‼ أصبح من الإلزامي على الشرطة الأميركية:

            إبلاغ المتهم بحقه في التزام الصمت

انظر إلى هذا المبدأ اصبح إلزام على الشرطة عند إلقاء القبض على المتهم

ان يقوم الشرطي بترديد الحقوق القانونية للمتهم بالتزام الصمت التام وعدم الإدلاء باي كلام لحين توكيل محامي وطبعا هذا الكلام مسجل صوت وصورة في كامرة الشرطي

إبلاغه بحقه في وجود محام حتى وأثناء فترة الاستجواب.

عدم بتاتا  جواز استجوابه دون وجود محام، سواء محامي خاص أو محامي انتداب (مجاني) إذا لم يكن قادرا مالياً.

وفي الواقع العملي:

            ‼ اليوم في جميع مراكز الشرطة الأميركية، لا يجوز قانونًا تسجيل أي إفادة أو اعتراف للمتهم بدون وجود محام.

            ‼ أي خرق لهذا الإجراء يؤدي إلى إلغاء الإفادة بالكامل وعدم الاعتداد بها قضائيًا

رابعًا: مدى الالتزام بهذه الضمانات في ???????? العراق

‼ رغم وجود النصوص الدستورية والقانونية، إلا أن التطبيق العملي في بعض مراكز الشرطة العراقية يعاني من ضعف واضح.

‼ يتم أحيانًا تدوين إفادات المتهمين بدون حضور محامين، مما يفتح الباب أمام احتمال الإكراه أو التعسف.

‼ نلاحظ توجيه رئيس الوزراء السوداني الأخير (2025/04/13) بتوثيق إجراءات التحقيق وتحميل الدوائر الأمنية مسؤولية تعطل الكاميرات

‼ صراحة جاء خطوة صحيحة نحو تعزيز حماية حقوق المتهمين، لكنه يحتاج إلى آلية متابعة وتطبيق حقيقية من قبل هيئة الإشراف القضائي ونقابة المحامين ومنظمات المجتمع المدني من مؤسسة آفاق العدالة واتحاد الحقوقيين العراقيين

‼ وخاصة ضرورة وضع كاميرات المراقبة في ملابس الشرطي أثناء إلقاء القبض على المتهم وقيام الشرطي باعتلاء الحقوق القانونية والدستورية للمتهم

            ‼ كما أن ضرورة توجه محاكم الجزاء المعنية  بضرورة بطلان أي إجراء تحقيق يتم بدون وجود محام وهذا الأمر يمثل تطورًا إيجابيًا قضائيًا يجب تعزيزه

خامسًا: يجب ان يخرج تعميم من قبل الحكومة ومجلس القضاء على

            1.         التأكيد على إلزامية وجود محام مع المتهم منذ لحظة توقيفه وحتى انتهاء التحقيق الابتدائي.

            2.         تفعيل نظام تسجيل التحقيقات صوتيًا ومرئيًا في جميع مراكز الشرطة وفي لحظات الاعتقال

            3.         الالتزام العملي بتحذير ميراندا العراقي: (إعلام المتهم بحقه في الصمت وحقه في محامٍ).

            4.         تدريب المحققين وضباط الشرطة بشكل دوري على قواعد حقوق الإنسان ويناط هذا الدور إلى وزارة حقوق الإنسان ومجلس القضاء الأعلى ونقابة المحامين ومنظمات المجتمع المدني

            5.         تضمين أي خرق لهذه الحقوق سببًا كافيًا لبطلان إجراءات التحقيق أو المحاكمة ومحاسبة المقصرين من ضباط التحقيق وإحالتهم إلى السلطات القضائية المختصة

‼  إن حماية حقوق المتهم ليست ترفا  قانونيًا، بل هي حقا دستوريا في صلب العدالة الحقيقية وضمان لسيادة القانون.

‼  ولن يكون هناك إصلاح حقيقي إلا عبر تطبيق فعلي لهذه الضمانات، بما يتوافق مع الدستور العراقي، وقانون أصول المحاكمات، والاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان

سيف الحلفي

مستشار قانوني


مشاهدات 47
الكاتب سيف الحلفي
أضيف 2025/04/15 - 2:58 PM
آخر تحديث 2025/04/16 - 3:30 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 211 الشهر 15246 الكلي 10595893
الوقت الآن
الأربعاء 2025/4/16 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير