إحرق مليون دولار ولا تضطهد نزيهاً

نوزاد حسن

يالها من معادلة غريب جدا.ان يحرق الانسان مليون دولا افضل بكثير من اضطهاد وابعاد نزيه عن اداء دوره.ومن هنا تبدأ اغرب حكاية في تاريخ هذه الديمقراطية الغريبة.حكاية حرق الاموال,وتنحية النزيهين من المشهد السياسي.

  بلا شك سيكون الموظف النزيه مزعجا لمدير قليل الخبرة وغير امين على الاموال التي تحت يديه.سيكون اسم النزيه مقلقا جدا,ولا حل الا بابعاد ذلك الشخص المثالي الذي يدافع عن المال وكأنه ماله الشخصي.

 هكذا اذن تكتمل حلبة الصراع.رغبة كبيرة في سرقة المال العام الى درجة ان مسؤولين يتحدثون علنا عن قصص تروى ربما للتلسية عن هدر وسرقة وتلاعب وما شئت.وهنا اذا تدخل الشخص النزيه فستشوه سمعته وسيبعد,وقد تعرض عليه الاموال لتضمه الى قافلة الفاسدين.وفي داخل هذه اللعبة اما يخسر النزيه حياته او يعيش صامتا مثل اي اخرس في هذا العالم.

  ما لا يستطيع كثير من المسؤولين التفكير فيه هو ان النزيه ليس شخصا فضوليا.انه شخص لديه خيال بعيد بحيث يرى قبل الجميع الخسارة التي سيتعرض لها البلد بعد عقود.المعركة بهذا المعنى قاسية.شخص يعتقد انه يبني مجدا وحياة لاسرته من امتيازاته الفاحشة,واخر يحلم بان يكون حارسا امينا لكي نتجاوز محنة الفساد وبناء الوطن.وهكذا يواجه البلد خطرا حقيقيا هو تنامي المنتفعين من المال العام على حساب البناء والاعمار وتحسين نوعية الحياة التي نعيشها.

  ان اضطهاد نزيه واحد هو عمل دنيء الى ابعد حد.ومع الوقت سنعرف ان هناك هجرة في مؤسسات الدولة لجيش من الموظفين الذين يفضلون ان يتنقلوا هنا وهنا ويقوموا بعمل بسيط لا يتناسب وامكانياتهم كل هذا ليظلوا بعيدين عن اللعبة الجحيم..

  هجرة النزيه لا تتوقف.انها كما قلت هجرة في مكان عمله,هي هروب من عالم فاسد بلا ضمير.يتنقل النزيه مثل اي مهجر في اقسام دائرته ليخفي نفسه بعيدا عن جو اللعبة القذرة لعبة الفاسدين مع بعضهم البعض.

   اتساءل كم مليون دولار يساوي نزيه واحد حريص على اموال البلد.وبحركة لا اخلاقية يطارد كل النزيهين مثل كائنات غريبة عن واقعنا.كائنات لا تستحق اي فرصة للعمل.ولا يمكن التفاهم معها.