فاتح عبد السلام
يدخل العالم منذ أسبوع في مؤتمر بدبي في مناقشات ساخنة تنتظر الخروج بمواقف تتبناها الدول لرسم مستقبل استخدام الوقود الذي يتناسب مع وضع المناخ الذي دخلت الدول قاطبة مرحلة المعاناة اليومية من جراء تدهوره بعوامل الاحترار، الظاهرة التي تفرخ ظواهر سيئة تبعا لأوضاع جغرافية خاصة لبعض الدول. ومن ذلك استفحال التلوث، ولنقل انها مشكلة ليست حديثة وانه
ليست هناك عاصمة في العالم لا تعاني من التلوث، لكن بنسب متفاوتة، حتى انّ عاصمة كبيرة مثل لندن فرضت قيودا ورسوما على دخول السيارات الى عمقها في ساعات النهار للتقليل من الازدحام والتلوث وللحفاظ على وضع جمالي وسياحي رائق للعاصمة التي يقطنها الملايين، ويقصدها الملايين ايضاً.
لكن ظاهرة الاحترار المناخي جاءت بأنواع من التلوث التي تكاد تشل عاصمة كبيرة مثل طهران فيها تسعة ملايين نسمة، اذ يجري إيقاف المدارس والدوائر والمصالح العامة حين تبلغ ظاهرة التلوث هناك ذروتها. العلماء لديهم تفسير يفيد بأنه بين تشرين الثاني/نوفمبر وشباط/فبراير يبلغ التلوث ذروته في طهران الواقعة على ارتفاع 1800 متر فوق سطح البحر، وذلك عندما يحبس الهواء البارد ونقص الرياح مديات التلوث الكثيف والخطير فوق العاصمة لأيام متتالية، وتُعرف الظاهرة باسم “الانقلاب الحراري”.
في العراق ، لا نعرف كم تبلغ نسبة التلوث، لأنّ الأجواء لا تعاني من ذلك الاحتباس، غير انّ مشكلتنا أكبر بكثير من أيام معدودة تصيب الحركة والإنتاج بالشلل، اذ نعاني بشكل مزمن من الارتفاع المذهل للحرارة في فصل الصيف الطويل الذي جعل الجفاف اكبر العناوين فوق مسطحاتنا المائية في البحيرات والاهوار والانهار التي حمل البلد احد أسماء رافديها دجلة والفرات، وانّ الحلول المتاحة باتت محدودة وغالبا ما تكون معدومة في البلد الذي لم تنهض فيه الزراعة في العقدين الأخيرين من سباتها، وبقيت في حدود الإنتاج الأهلي من الفلاحين من دون رعاية حكومية تناسب الوضع الاستثنائي للزراعة في البلد.
آفتنا في هذا البلد هي التلوث السياسي بالفساد القاتل الذي أحال كل شيء يباباً، وجفف موارد الدولة الثرة ، وبلغت نسب السرقات من المال العام الحدود التي يعجز العقل البشري منذ خلق الله الكون حتى يرثه عن تفسيرها ، من أي بقاع إجرامية جاء هؤلاء سارقي ثروات جيل كامل. تلوث الوضع العراقي بالفساد المريع، وهذا يعني تلوث كل شيء له صفة رسمية او يدور في محيطها.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية