المسألة ليست انّها قضية مركزية لعرب أو ليست بقضية أصلاً عند عرب آخرين، تلك قضية فلسطين أو تفصيلها الجديد الدامي في الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة. وانّما القضية هي أن تصبح هذه الحرب التي ضحاياها المدنيون المحاصرون في قطاع كثيف السكان، “خبراً مركزياً» في الميديا العالمية التي تقع تحت سيطرة مَن يستطيع التلاعب في توجهاتها ولم ينجح في مهمته حتى الآن، وذلك لأنّ الشارع في اكثر من عاصمة غربية ينبض بالاحتجاجات المطالبة بوقف الحرب، التي لا تبدو لها نهاية، كما قال الرئيس الفرنسي ايمانوئيل ماكرون امس في خلال زيارته الى الدوحة، في حالة كان هدفها القضاء على حركة بعينها، الامر الذي توقّع له ماكرون نفسه أن يستغرق عشر سنوات. ومَن سيتحمل حرباً دامية أمدها عشر سنوات بهذه الضراوة، بما فيها إسرائيل ذاتها؟ وما معنى أن يكون هناك مجلس للأمن الدولي أو جمعية للأمم المتحدة اذا كان ذلك سيحدث فعلاً أو اننا نتجه نحوه، في عالم بات سائباً نحو النهايات المفتوحة والمجهولة والمرعبة؟
الخبر المركزي الذي عنوانه حرب غزة لا يزال في الصدارة بعد شهرين من الشرارة الأولى، ولم تعد أحداث تقع بالصدفة او مدفوعة الثمن، مثل مهاجمة عنصر من داعش للسياح قرب برج ايفل في باريس، او مهاجمة داعش لقداس كاثوليكي في الفلبين، قادرة على إزاحة ذلك الخبر “المركزي” عن الصدارة.
وهناك في المرمى اهداف أخرى سيجري تسجيلها من دون أن تستطيع تحويل الأنظار عمّا يحدث في قطاع غزة.
ثمّة معركة أخرى تجري بعيدا عن ميدان الدم في غزة، معركة إعلامية ينتصر فيها الضحايا المدنيون من الأطفال والنساء والشباب من قبورهم الجماعية، برغم من انها تقع في الأوساط الإعلامية والنخبوية فضلا عن الميادين الشعبية والشوارع في العواصم والمدن الاوربية الكبيرة. هذا تحوّل لم تعد هناك إمكانات لتقنينه وتحييده وتجييره لصالح تبرير الحرب العاصفة الشرسة ضد اكثر من مليوني فلسطيني محاصرين، ومصيرهم رهن قرار إسرائيلي في انجاز هدف عسكري لا سقف زمنياً له، ومن هنا تكون ادانة المجتمع الدولي مبررة في عدم قدرته على القيام بدوره في السلم العالمي كما ينبغي.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية