هناك تجربة في بريطانيا اسمها “الاحتفال السنوي” للطلبة المتخرجين من المرحلة الاعدادية لما قبل الدخول في الجامعات، هذا الاحتفال يكون بعد ان يتخرج الطلبة ويداومون في الجامعة بمدة لا تقل عن أربعة شهور، اذ تقوم مدارسهم التي تخرجوا فيها بدعوة المتفوقين منهم لحضور حفل في ذات المدارس، يحضرها طلبة المراحل الأخرى، ليشهدوا كيف انتقل الطلبة المتفوقون الى مرحلة الجامعة، وتقوم إدارات المدارس بتكريم رمزي للطلبة المتخرجين، بما يمثل ادامة الصلة بين الطالب ومدرسته الثانوية التي تكون دائماً هي صاحبة الفضل الأساس في بناء شخصية الطالب حين ينتقل الى الجامعة ثمّ بعدها الى سوح العمل.
وفي كل سنة تدعو إدارات المدارس شخصيات في المجتمع نالوا تقدماً مهنياً في وظائف واعمال ومجالات إبداعية بعد ان تخرجوا في ذات تلك المدارس، ليقوم الشخص في الحفل السنوي بعرض مجال إنجازاته بعد سنوات طويلة من التخرج وكيف استطاع ان يبني مستقبله خطوة فخطوة منذ مغادرة المدرسة الثانوية التي كانت الأساس المتين الذي انطلق عبره الى الحياة العملية.
قبل سنوات شهدت استضافة طالبة متخرجة قبل سنوات في مدرستها، وقدمت ايجازاً حول كيف استطاعت ان تحجز لها مساحة في عالم الشعر والرواية وتنشر ديوانين من القصائد وتشرع بكتابة رواية، وهذه مكانة كبيرة جدا في بريطانيا، حيث تنفتح بعدها عوالم المال والشهرة أمام الاديب ، على العكس من الادباء في بلداننا الذين تبدأ رحلة تعبهم ومعاناتهم بعد كتابهم الاول مع دور النشر وتدبير مبالغ نشر أعمالهم، فيكون الابداع الادبي سبباً جديداً في زيادة فقرهم وعوزهم. وأمس، رأيت محامية شهيرة جاءت الى مدرستها التي تخرجت فيها، وعرضت تجربتها المهنية في بضع دقائق، منذ ان تخرجت في هذه المدرسة التي كان طلابها الجدد يصغون، والطموح يشتعل في عيونهم من اجل بلوغ الأهداف التي يحلمون بها، مثلما حققت تلك المحامية حلمها.
المدارس في بريطانيا، تعمل في إطار منظومة متسلسلة ومتصلة من التربية والرعاية، تسعى للتواصل مع خطوط النجاح ومتابعة الطلبة النابغين، حتى لو كان قد مضى على تخرجهم عشرون عاماً وأكثر.
شهدتُ في العراق احتفالات لمناسبة إعمار مدارس مهدمة أو ذكرى تأسيسها اذا كانت من المدارس العريقة والرائدة في بغداد والمدن الكبيرة، وهناك مواقع الكترونية في التواصل الاجتماعي يتابع المتخرجون في تلك المدارس اخبار الجيل الجديد ويستعيدون الذكريات عند التقاء الأصدقاء القدامى من طلبة او أساتذة، لكن ذلك يحتاج الى خطط عمل في تأسيس تقاليد ثابتة في جذب الشخصيات الناجحة في المجتمع الى منبعها الدراسي الأول ، من اجل جعل الطموح لدى الجيل الجديد حالة مجسدة ونابضة أمامهم.
رئيس التحرير -الطبعة الدولية