تثار في هذه الأيام قضية منح اعداد مبالغ فيها من الجوازات الدبلوماسية حتى باتت الاقوال تتابع في تشكيك دول العالم في أي حامل جواز سفر دبلوماسي عراقي، على اعتبار انه حصل عليه في سياق غير مستحق، وهذا بحد ذاته لو صح حدوثه فعلا، لكان وجها من وجوه الفساد الذي يغرق فيه البلد بالرغم من الفعاليات الاستعراضية لمعالجة اللقطة الأخيرة من فيلم طويل وسيء الإخراج للفساد طوله عشرون سنة تعيسة.
حين يكون كل شيء قد لوّثه الفساد من قريب أو بعيد في البلاد تحت اغطية سياسية ثقيلة، فلا أحد يستبعد اليوم أي احتمال مهما كان خيالياً، لأنّ الوقائع التي جرت على العراقيين أغرب من الخيال أساساً.
ومن دون ان ندخل في تفاصيل قضية يتسع الجدال حولها، ندعو الحكومة لكشف الحقائق في اللحظة المناسبة وليس تسويف القضية او تركها عرضة للاستغلال من اجل التصفيات السياسية.
الأهم من المنح العشوائي للجوازات الدبلوماسية العراقية، هو فشل جميع الحكومات المتعاقبة ببغداد في انتشال سمعة الجواز العراقي العادي الممنوح للمواطنين من الحضيض إذ لا يزال في اسفل قائمة جوازات السفر في العالم . لماذا تغير النظام السياسي والوضع العام وانتهى الحصار وحلت القوى الكبرى في دور جديد داعم للحكم في العراق منذ العام 2003 ولكن حال جواز السفر العراقي يزداد تدهوراً حتى امام الدول العربية التي ربما باتت تتشدد اكثر من ذي قبل في منحه سمات الدخول؟ هذا السؤال الطويل، يجب ان تجيب عليه الحكومة عبر وزراء خارجيتها الذين لم يخضعوا للاستجواب من مجلس النواب الغافل، في كل دوراته المترنحة الضحلة، عن القضايا الاستراتيجية للبلد والغارق غالباً في تفاصيل الضغائن، والخلافات، والامتيازات، والتفاهات.
استعادة هيبة الدولة لا تكون فقط بالعمل الذي لم ينجز أصلاً في حصر السلاح بيد الدولة، وانّما في ملفات تحصين سمعة البلاد وسيادتها، وعنوان ذلك هو جوازات السفر للعراقيين. حكوماتنا الغافلة وشبه المغيبة لم تفكر بالمعاملة بالمثل مع دول العالم التي تحتقر الجواز العراقي ولا تمنح تأشيرات الدخول لحامله، في سفرة سياحية او للتجارة او العلاج.
ضعف جواز السفر العراقي يعني ضعف الحكم كله، وهزال الوضع السياسي أمام دول العالم. فضلا عن استمرار عدم ثقة العراقيين بحكّامهم.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية
fatihabdulsalam@hotmail.com