اذا كانوا يريدون ان يحاربوا هدر الأموال العامة مع محاربة الفساد شبه المزعومة، فإن اول الإجراءات هي إيقاف رواتب جميع أعضاء مجلس النواب الحاليين وفي الدورات السابقة ايقافاً تاماً، والإبقاء على راتب النائب من وظيفته السابقة قبل ان يصل الى البرلمان، مع هامش بسيط يعادل قيمة إيفادات الموظف العمومي عند سفره من المحافظات الى بغداد لحضور جلسات الدورة الانتخابية، مع مراعاة قطع قيمة الايفاد بالتناسب مع غيابات النائب عن الجلسات.
إنّ عضوية مجلس النواب منصب لخدمة الشعب في جوهره، وليس للاكتساب المالي واستغلال العنوان السياسي. وهذا ينسحب على قيمة التقاعد الوظيفي للنواب السابقين لاسيما انّ معظمهم لم يكونوا موظفين في الدولة وليس لديهم خمس عشرة سنة وظيفية تؤهلهم لنيل الحد الأدنى من الراتب التقاعدي، كما يحصل مع بقية الموظفين من أبناء الشعب العراقي. وستبقى مسألة راتب النائب الذي لم يكن لديه وظيفة رسمية من قبل لكي يستمر في تسلم راتبها الشهري وهو يؤدي مهامه في عضوية المجلس ، وهذا يمكن القياس عليه بمنحه راتب مدير أو رئيس ملاحظين بشكل مقطوع، وبما يتناسب مع معدل الرواتب العامة للموظفين في العراق . سوى ذلك فإنّ النوّاب استلموا رواتب ومنحاً مالية وامتيازات إضافية ومنذ تشكيل ما كان يسمى الجمعية الوطنية، التي سبقت الانتخابات الأولى، بما يمثل تعدياً صارخاً على المال العام وتفريطاً من قبل الحكومات قاطبةً بأموال الشعب من خلال منها بكميات مبالغ فيها الى حد الافراط والتفريط لبرلمانيين لم يفد البلد من وجودهم يوما، ولو لم يكونوا في مناصبهم لما نقص أو زاد شيء لأنهم والعدم سواء والاستثناءات نادرة جداً، جداً.
امّا الرواتب المصروفة تحت شعارات وتشريعات الاضطهاد السياسي من النظام البائد، فلا بدّ من تشكيل لجان حقيقية لغربلة الأسماء المتعرضة للسجن والتنكيل والاصابات حصراً، وترتيب تسوية أسماء افراد عوائلهم بحسب نسب معينة ولمَن هو دون الثامنة عشرة أو المشمول في حكم المعيل.
بعد ذلك ليكاشف المسؤولون عن هذه الغربلة الشعب بأعداد الأسماء الفضائية الوهمية وكيف انّ أحفاد وحفيدات بعض النواب والوزراء ورؤساء حكومات يتسلمون رواتب الاضطهاد السياسي في قضية ليس لها نهاية، حتى يتم استنزاف موازنة العراق وتبديدها على آخر دينار.
لو وصلت الى سدة الحكم في العراق حكومة تجرؤ على قرارات محاربة هدر الأموال والفساد على هذا المستوى، لوجدنا انّ المواسم الانتخابية ستشهد شحة في عدد مرشحي الأحزاب وانّ عضوية مجلس النواب ستكون متاحة على قارعة الطريق من دون حماس أحد لها.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية