الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
كزال ابراهيم خدر.. هل كنت صادقة في عشقك ؟

بواسطة azzaman

كزال ابراهيم خدر.. هل كنت صادقة في عشقك ؟

 

علي اليدري علمي

 

إضاءة موجهة

لو لك من القدرة ما تطلب، ماذا أنت فاعل يا تراك!؟ شخصيا، لو لي القدرة بهذا القدر. لجلست ردح زمن في حضرة الشاعرة كزال ابراهيم خدر. انصت عن كثب لعذب عزفها، وصدق نشيدها. وأقدم لها آيات الشكر على سطوعها فينا شعرا رفيعا. يلامس سقف الإدهاش. واذ يتعذر ذلك. دعونا نستحضر منها واحدة من روائع اثرها الشعري، قصيدة “ اذا استطعت “. نرافقها، مساءلة وتماهيا، في بديع التطريز، وثراء المشاعر.

القصيدة

إذا استطعت

ترجمة: أحمد قادر سعيد

شعر”كزال ابراهيم خدر

1

لو كانت لي قدرةُ النارِ

لأَحْرَقتُ جسَدكَ كلهُ

لأَحصل على بعضٍ من رمادِكَ

في أقلِّ تقدير

2

لو كان باستطاعتي

أن أعصرَ دَمكَ

حتى القطرةِ الأخيرةِ

لَسَكبتُها في نهرٍ

أشربُ منهُ قدحًا،

ففيهِ بعضٌ مِنكَ

3

لو أمتلكُ القدرةَ

لَصَغَّرتُكَ كثيرًا

وجعلتُكَ طائرًا

إن لم أستطع

أن أحلِّقَ معهُ

سآخذُ ريشةً واحدةً

من جناحهِ

وأُعَلِّقها فوقَ صَدري

4

سَأُصيِّركَ نجمةً

وأمنحُكَ هديّةً إلى السماءِ

فتكونُ بعيدًا لا أرَكَ

إلّا في الليلِ، وفي أحلامي،

وعينايَ تحدّقانِ في عينيكَ إلى الأبدِ

5

أَعلَمُ أنَّ عشقَكَ

أربَكَ روحي وهَيّجَ عواطِفي،

قالوا لي:

لا تتحدّثي عنهُ كثيرًا

فهوَ سحرٌ إلٰهي

6

إليكَ قصائِدي،

خُذها ففيها احتراقاتي،

وبسمات شفتيَّ،

وعِشقي،

حذارِ من ضياعِها

7

خُذْ كلَّ ما تُريد

يدايَ أصبحتا طريتينِ

وعيناي صارتا بحرينِ

فٱ ضفر جدائِلي خيمةً

واسكُنْها،

ما تزالُ روحي عندي

خُذها إليكَ

فعشقي أبديٌّ لا تحدُّهُ حدود

8

أنتَ والبحرُ شبيهانِ

أعطيتَهُ صخبًا وهيجانًا

وأعطاكَ هدوءًا وسكينة.

+++++++++

قراءة وتماهي أ. علي اليدري علمي.

“ لو أستطيع أعدت ترتيب الطبيعة:

ههنا صفصافة وهناك قلبي...

ههنا قمر التردد... ههنا عصفورة للانتباه.

هناك نافذة تعلمك الهديلا.

وشارع يرجوك أن تبقى قليلا”(محمود درويش)

أحالني عنوان قصيدة “ إذا استطعت “، للشاعرة كزال ابراهيم خدر على هذا المقطع الشعري لمحمود درويش. ولا أعلم إذا ما كان للشاعرين تفاعل في الواقع. لكني أستلهم أن أرواح العظماء تتناسخ بشكل تلقائي. تتوحد في رسم وحدة الأفق البهيج، الذي إليه جميعنا نشرئب. ويتبادر في السياق السؤال المشروع: ما الأفق الذي تتوحد حوله رؤى الشاعرين؟

مشهد يومي

ينظر الشاعران بعيون الاستهجان إلى هذا الواقع المختل النظام. والحاجة إلى إعادة ترتيب الأشياء فيه. وفي رمزية هذا التعبير، انتقاد للبشاعة التي تؤثث مشهدنا اليومي. وتعبير  عن الطموح الذي يراود كل الناس. ينسجعه الشعراء حلما جميلا. ويعبئوننا للسعي نحوه. فلنتلمسه عند  شاعرتنا كزال، من خلال هذه القصيدة تحت عنوان “ إذا  استطعت “.

النار حارقة بطبعها. ممقوتة في أمل المومنين. لكننا لا نستطيع الاستغناء عنها. ملامسة منا لما تحمله من منافع. هي هكذا نعمة ونقمة. افتراضا أن لك قدة النار. ماذا أنت فاعل بها يا تراك؟ لست، أيها القارئ مطالبا بالجواب. بل بتأمل هذيان الشاعرة كزال، لو أتيح لها ذلك.

زفة جنون منها. لو هي ببعض قوة النار. لن تتوانى عن إحراق عشيقها. ليكون لها من رماده أثرا يشفي لهب جواها. هكذا يتهيأ تحقيق الانصهار. ولا عجب، فالعشق في أقصى حدوده يستحيل جنونا. تعبير مجازي يفشي أن الشاعرة أصبحت محتواة كليا بعشق نظيرها. والغلو ليس مثار ستنكار في دنيا الشعر. أليس أعذب الشعر أكذبه!؟ بل حالة العشق هكذا لا بد أن تحظى بالتمجيد.

تتمادى الشاعرة هذيانا في عشقها. فلو لها القدرة، لعصرت دم عشيقها حتى آخر قطرة. وسكبته في نهر، ليكون لها منه مشربا قد يطفئ بعض ظمئها. أو لقلصت جسده حدود عصفور، تنتزع ريشة منه، تعلقها على صدرها، إذا تعذر عليها مجاراته تحليقا. أو تصيره نجمة، هديتها إلى السماء. لتزدهي بالنظر اليه كلما جن الليل، وتراه في الأحلام. تحدق بعينيها في عينيه الى الأبد. أحلام تلامس حدود  المستحيل، تعبيرا عن شهوق العشق.

سحر الهي

واذ تتعقل قدرا ما. تقر لنظيرها أن عشقه أربكها. وجعل عواطفها هكذا تنهمر. رغم تنبيههم لها بألا تتحدث عنه بهذا الإسهاب، إذ هو سحر إلهي! مع ذلك. تصر على العناد سيرا في هذا الدرب. وكتابة مزيد من القصائد، إهداء له. ليلمس فيها احتراقها. وبسمات شفتيها. وعشقها المتفرد. ما يقيده بصونها خلودا.

إمعانا في التنازل والاستسلام أمام جبروت عشقها. تتمادى في العطاء لنظيرها. يداها له، وقد أصبحتا رخوتين. عيناها له، وقد اصبحتا بحرا. وجدائل شعرها له طيعة ليشكلها خيمة، بها يستقر. والروح التي بقيت لها، هي له أيضا. هكذا تتنازل عن كلها له عربون عشقها اللا محدود.

وفي أرقى جلاله. تنظر إلى عشيقها أشبه بالبحر. نعطيه الصخب والهيجان. ويعطينا السكينة والهدوء. هكذا تختزل مشهديات عشقها.

هل كنت صادقة في عشقك بهذا الامتداد يا كزال!؟ هكذا يعن للبعض أن يسألها. وفي اعتقادي أن سؤالا من هذا القبيل لا موقع له هنا. فالشاعرة ليست في مخفر شرطة تخضع للاستنطاق. إنما الشاعر رسول جمال. يرسم للناس الحدود القصية للقيم. ويغويهم بالسعي نحوها. وقد برعت الشاعرة كزال ابراهيم خدر في رسم أجمل آفاق ذلك. لتستحق منا جليل التقدير .والاعتبار

 


مشاهدات 114
الكاتب علي اليدري علمي
أضيف 2024/10/18 - 11:40 PM
آخر تحديث 2024/10/19 - 3:14 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 273 الشهر 7807 الكلي 10037530
الوقت الآن
السبت 2024/10/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير