الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
محافظ البنك المركزي علي محسن العلاق: نعمل على إستقرار الأسعار والقضاء على التضخم

بواسطة azzaman

محافظ البنك المركزي علي محسن العلاق: نعمل على إستقرار الأسعار والقضاء على التضخم

تعزيز أرصدة البنوك بالعملة الصعبة لتمويل التجارة الخارجية

 

بغداد - حاكم الشمري

في ظل التحولات الاقتصادية العميقة التي يشهدها العراق، يتصدّر البنك المركزي العراقي المشهد بتوجهات إصلاحية كبرى تمسّ صميم النظام المالي والنقدي. من الدفع الإلكتروني، إلى ضبط السياسة النقدية، وتوسيع الشمول المالي، ووضع معايير جديدة للحوكمة المصرفية… كلها ملفات باتت تحت مجهر الرأي العام والمهتمين بالشأن الاقتصادي.

وفي الوقت الذي بدأت فيه الحكومة بخطوات جادة نحو تقليل الاعتماد على النقد الورقي، وتعزيز ثقافة الدفع الرقمي، تتجه الأنظار إلى المؤسسة التي تقود هذا التغيير الا وهي البنك المركزي العراقي.

في هذا الحوار الموسّع، يفتح لنا محافظ البنك المركزي العراقي علي محسن العلاق باب المكتب وباب الرؤية، ليحدثنا عن التحديات التي تواجه النظام المالي، وخطط الرقمنة، ومعركة مكافحة الفساد النقدي، فضلاً عن موقع العراق في خارطة المال الإقليمي والدولي.

ما الذي تغيّر؟ أين تقف المصارف؟ كيف تُدار المعركة ضد المضاربات والاحتيال؟ وما هو مستقبل الدينار العراقي؟ أسئلة كثيرة نطرحها اليوم، وننتظر أجوبة بحجم التحول المنتظر.

ما هي أولويات البنك المركزي العراقي في المرحلة المقبلة للحفاظ على استقرار الدينار العراقي؟

- إن الهدف الأساسي للبنوك المركزية هو الحفاظ على استقرار المستوى العام للأسعار باستهداف التضخم، وهو ما يسعى إليه البنك المركزي العراقي من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المتاحة لديه، ومنها أدوات تعقيم السيولة النقدية لضبط معدلات السيولة في الأسواق، حيث تعد الأداة الأهم هي عمليات تعزيز أرصدة المصارف بالعملة الأجنبية لدى مرسليها في الخارج لتمويل حاجات التجارة الخارجية بالإضافة إلى تلبية طلبات الزبائن الأخرى بالعملات الأجنبية المختلفة وقد سعى هذا البنك إلى عمل نقلة نوعية من حيث البناء التكنولوجي، والحوكمة، والرقابة على عمليات التحويل، بالإضافة إلى إنشاء نظام للبيع النقدي لضبط عمليات البيع.

كما وفّرت أدوات للدفع الإلكتروني المتمثلة بالبطاقات الإلكترونية الدائنة والمدينة من خلال المصارف وشركات الدفع الإلكتروني في العراق، لتسهل عمليات الدفع داخل وخارج العراق.

وأصدر البنك المركزي أدوات أخرى تساهم في ضبط السيولة للحفاظ على إستقرار معدلات التضخم هي الأوراق المالية التي يصدرها باستحقاق (14، 182) يوم وبفائدة (4 بالمئة   و 5 ,5بالمئة) على التوالي.

كذلك يركز البنك المركزي العراقي على تحسين النظام المصرفي وتشجيع المواطنين على استخدام البطاقات والخدمات المصرفية بدلاً من التعامل بالنقد، مما يخفف الضغط على السوق غير الرسمية. كما يعمل على تقوية أنظمة تحويل الأموال ومراقبة العمليات المالية لمنع غسيل الأموال وتهريب العملة. وفي هذا السياق يولي البنك المركزي العراقي أهمية متزايدة لتطوير البنية التحتية للقطاع المصرفي، وتشجيع المواطنين والمؤسسات على التعامل عبر القنوات المصرفية الرسمية بهدف تقليص حجم الاقتصاد غير المنظم وتعزيز الشمول المالي. فضلاً عن التنسيق بين البنك المركزي والحكومة لضمان عدم خلق ضغوط تضخمية تنعكس سلباً على الاستقرار النقدي. واخيراً يتجه البنك المركزي في المرحلة المقبلة الى الحفاظ على استقرار قيمة العملة المحلية من خلال مزيج من الاجراءات الفنية والرقابة الفعالة والاصلاحات البنيوية في القطاع المالي.

□  كيف يقيم البنك المركزي تأثير السياسات النقدية الحالية على التضخم والبطالة؟

- يسعى البنك المركزي العراقي إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي من خلال أدوات السياسة النقدية، مثل التحكم بسعر الفائدة، إدارة السيولة، وضبط سعر الصرف. ولتقييم فعالية هذه السياسات، يُجري البنك تحليلاً منتظماً لتأثيرها على معدلات التضخم والبطالة. وتشير بيانات التضخم انه انخفض ليبلغ (2.6 بالمئة) عام 2024 مقابل (4.4بالمئة) عام 2023. انخفضت نسبة البطالة بنسبة (3بالمئة) حيث بلغت (14بالمئة) عام 2024 مقابل (16.5بالمئة) عام 2022. وهذا ناجم عن اتباع البنك المركزي العراقي سياسات نقدية ادت الى تمويل التجارة بسعر الصرف الرسمي للسيطرة على التضخم المستورد ورفع سعر فائدة السياسة للسيطرة على مناسيب السيولة التي تؤثر بشكل مباشر.

□  ما هي الإجراءات التي يتخذها البنك المركزي لتعزيز الشمول المالي في العراق؟

- أنشأ البنك المركزي العراقي تشكيلا اداريا جديدا في جميع المصارف العاملة تحت مسمى (قسم الشمول المالي) بموجب اعمامنا المرقم في2025 ومرفقه ضوابط عمل قسم الشمول المالي في المصارف، وهو بصدد انشاء تشكيل اداري تحت مسمى الشمول المالي في جميع المؤسسات المالية غير المصرفية واعداد ضوابط عمل لهذه التشكيلات.

- تم اعداد استراتيجية وطنية أولى للشمول المالي في العراق (2025-2029) بالتعاون مع عدد من المنظمات الدولية وتم اطلاق الاستراتيجية بتاريخ 25/5/2025 وسيتم العمل على تحقيق اهداف هذه الاستراتيجية من خلال تشكيل فرق عمل متنوعة للوصول إلى النتائج المتوقع الحصول عليها.

- ينظم البنك المركزي العراقي فعاليات دورية وورش توعوية مثل الاسبوع العربي للشمول المالي والذي يتضمن حملات توعوية مالية وورش عمل بالتنسيق مع المؤسسات المالية المصرفية وغير المصرفية كافة وكذلك توفير الرعاية والمشاركة في المعارض الدولية، اضافة الى المشاركة في معارض متخصصة في المجالات المالية والتحول المالي الرقمي. فضلاً عن التعاون مع المؤسسات التعليمية لرفع مستوى الشمول المالي.

- استهداف المناطق المحرومة ماليا والريفية والنائية من خلال انشاء فرق لقياس مدى وصول الخدمات المالية إلى هذه المناطق.

□  كيف تصف العلاقة الحالية بين البنك المركزي العراقي ووزارة الخزانة الأمريكية؟

- تتسم العلاقة بين البنك المركزي العراقي ووزارة الخزانة الأمريكية بالتعاون والتنسيق المستمر، لضمان التزام العراق بالمعايير الدولية لمكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب.

وقد عقد البنك في الآونة الأخيرة عدد من الاجتماعات مع وزارة الخزانة الامريكية والبنك الاحتياطي الفدرالي لمناقشة الاصلاحات المالية وتعزيز الشفافية في النظام المصرفي. وقد اشادت الجهات الامريكية بخطوات العراق في هذا الاتجاه، خاصة فيما يتعلق بتطوير آليات التحويلات المالية وتعزيز الرقابة على حركة الدولار.

□  ما هو موقف العراق من القيود الأخيرة المفروضة على التحويلات بالدولار؟ وهل هناك خطوات للحد من الاعتماد على الدولار؟

- لا توجد أي قيود مفروضة على التحويلات بالدولار وخير دليل على ذلك ما نشهده من معدلات التعزيز أرصدة المصارف بعملة الدولار الأمريكي.

 

 ولأول مرة بعملات أخرى مثل اليورو والدينار الأردني والروبية الهندية واليوان الصيني والريال السعودي وغيرها.

إضافة إلى إتساع شبكة المراسلين الخارجيين للمصارف العاملة في العراق، وهو ما ساهم في زيادة خيارات وقنوات التحويل لكل طالبي التحويل.

*-           كيف تردون على الانتقادات الموجهة إلى آلية مزاد العملة باعتبارها منفذًا لغسل الأموال أو تهريب العملة؟

واجه البنك المركزي هذه الإنتقادات منذ سنوات طويلة سابقة وبدون أي دليل على ذلك، لذا خطى خطوات جادة لضبط عمليات التحويل الخارجي، من خلال إنشاء المنصة الإلكترونية وتدقيق التحويلات من قبل شركات دولية مختصة في هذا المجال، بالإضافة إلى خطوة البنك الأخيرة التي أنهى بموجبها نافذة بيع وشراء العملة الأجنبية ، ونقل مسؤولية التحويلات بعهدة المصارف مع مرسليها بشكل مباشر.

وتشهد إقبالا كبيرا من قبل البنوك العراقية وفروع المصارف الأجنبية على المشاركة في عمليات التعزيز حيث ارتفعت عدد المصارف إلى (۲۲) مصرفا كما بلغ عدد الشركات المشاركة لغاية نهاية الفصل الأول من هذا العام 2025 (٥٩٢٣) شركة بعدد عمليات التحويل التي بلغت (٤٦,٧٦٢) حوالة.

*-           ما هي الإصلاحات التي أُدخلت مؤخرًا على نظام بيع الدولار لضمان الشفافية ومنع الاستغلال؟

تم إنشاء المنصة الإلكترونية لتدقيق التحويلات من قبل شركات دولية مختصة في هذا المجال.

*-           هل تفكرون بإلغاء مزاد العملة أو استبداله بآلية أكثر حداثة وربطها بالأنظمة المصرفية ؟

    تم أنهاء عمل نافذة بيع وشراء العملة الأجنبية، ونقل مسؤولية التحويلات بعهدة المصارف مع مرسليها بشكل مباشر وتم ذلك في بداية عام 2024.

*-           ما هو تقييمكم لمتانة النظام المصرفي العراقي في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية المتكررة؟

واجه النظام المصرفي العراقي تحديات متكررة ناجمة عن الأزمات الاقتصادية والسياسية التي عصفت بالبلاد في السنوات الماضية. تمثلت تلك التحديات بالاعتماد على الاقتصاد الريعي إذ لا يزال النظام المصرفي مرتبطاً بشكل كبير بتمويل الدولة، مما يجعله هشاً أمام تقلبات أسعار النفط. فضلاً عن ضعف البنوك الخاصة التي تفتقر إلى القدرة على ممارسة دور تنموي فاعل في الاقتصاد. الى جانب نقص الثقة المجتمعية والذي انعكس بانخفاض مستويات الشمول المالي. اضافة الى تأثير الاضطرابات السياسية والجيوسياسية على عمليات التحويلات والتعاملات الدولية.

    بالرغم من كل تلك التحديات الا ان هناك نقاط قوة تصب في صالح النظام المصرفي متمثلة بالإصلاحات الرقابية التي شهدتها السنوات الأخيرة متمثلة بتطور أنظمة الرقابة المصرفية، والتطبيق التدريجي لمعايير الامتثال الدولية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. الى جانب الدعم الحكومي حيث تهيمن البنوك الحكومية على القطاع المصرفي، مما يمنحه استقراراً نسبياً في فترات الأزمات. بالاضافة إلى التحول الرقمي واعتماد أنظمة الدفع الإلكتروني وتحسين البنية التحتية الرقمية التي ساهم في تقليل استخدام النقد وزيادة الشفافية.

بناءً على ما سبق، يمكن تصنيف متانة النظام المصرفي العراقي بأنها متوسطة، حيث يتمتع القطاع ببعض أدوات الصمود في وجه الأزمات، لكنه يواجه تحديات هيكلية تحتاج إلى إصلاحات عميقة ومستدامة. يمثل إصلاح القطاع المصرفي حجر الزاوية في مسار التنمية الاقتصادية في العراق. ويتطلب ذلك رؤية استراتيجية متكاملة وتعاوناً وثيقاً بين البنك المركزي والمؤسسات المالية الأخرى، إلى جانب القطاعين العام والخاص.

*-           كيف يمكن للبنك المركزي أن يسهم في تنشيط الاقتصاد الحقيقي وليس فقط الجانب النقدي؟

ساهم البنك المركزي العراقي بشكل كبير في النهوض بالتنمية الاقتصادية، وخلق فرص العمل، وتحقيق الازدهار في العراق من خلال توفير الدعم المالي الأساسي للشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة في مختلف القطاعات (مثل الزراعة والصناعة والإسكان والتجارة والرعاية الصحية والتعليم والسياحة والنقل) من خلال مبادراته التي بلغت أكثر من (13) ترليون دينار بهدف تمويل الأنشطة الاقتصادية المختلفة، ودعم جميع شرائح المجتمع.

*-           ما هي خطة البنك في ما يتعلق بالتحول الرقمي للقطاع المصرفي خلال السنوات الخمس المقبلة؟

يعمل البنك المركزي العراقي على تنفيذ خططه الاستراتيجية للتحول الرقمي في القطاع المصرفي، والتي تهدف إلى تطوير البنية التحتية الرقمية وتعزيز كفاءة وأمان الخدمات المالية. وتشمل الخطة عدد من المشاريع والمبادرات ومن أبرزها مشروع الدفع الفوري السريع لتعزيز كفاءة التحويلات المالية بشكل فعال واني، وإنشاء المختبر التنظيمي (sandbox) في هذا البنك لتشجيع التجربة الأمنة للتقنيات المالية وتوفير متطلبات اطلاق الخدمات بشكل امن وسريع، فضلا عن مشروع شبكة الدفع الوطنية لتعزيز البنية التحتية الرقمية الوطنية للمدفوعات، والبوابة الوطنية الموحدة للدفع الالكتروني لتعزيز التحول الرقمي في عمليات التحصيل للجهات الحكومية، والعمل مع الجهات ذات العلاقة وبالتعاون مع المنظمات والجهات الدولية المختصة لدراسة اعداد مسودة قانون يعنى بتنظيم الأصول الافتراضية والعملات الرقمية والمشفرة ضمن إطار رقابي تشريعي.

*-           هل هناك نية لإصدار عملة رقمية عراقية أو الانضمام إلى مبادرات دولية في هذا المجال؟

يتابع البنك المركزي العراقي التطورات الدولية والإقليمية المتعلقة بالعملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزي (CBDCs)، ويعمل في الوقت الراهن على إعداد دراسة متخصصة لتقييم مختلف الأبعاد المرتبطة بها، بما في ذلك الأثر على السياسة النقدية، وكفاءة أنظمة الدفع الالكتروني، والشمول المالي، ومتطلبات البنية التحتية التقنية والتشريعية. كما يولي أهمية لمتابعة التجارب العالمية والاستفادة من أفضل الممارسات، مع الحفاظ على نهج تدريجي ومنظم.


مشاهدات 332
أضيف 2025/08/09 - 2:31 PM
آخر تحديث 2025/08/16 - 2:24 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 75 الشهر 11019 الكلي 11406105
الوقت الآن
السبت 2025/8/16 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير