جرائم ضد الصحفيين
فاتح عبدالسلام
في معظم الدول العربية تتجه القوانين والتعليمات التنفيذية لحماية الحكومات والأحزاب من الصحفيين، وليس العكس. فمراكز القوة والقرار تبحث عن ارساء قوانين وتزاوج ما بين قوانين الطوارئ والقوانين المدنية من اجل ملاحقة صحفي وكاتب مقال هنا او مقدم برنامج هناك.
والحكومات تحتمي بنصوص قانونية تجيرها لحسابها وتمارس أحيانا ضغوطا معينة حتى على القضاء.
لا يمكن ان يسجن صحفي لأنه قال رأياً أو نشر معلومة، وفي حال ثبوت خوضه في معلومات خاطئة وهذا نادرا ما يحصل، فيمكن محاسبته إداريا او عبر الغرامات المالية العادية كنوع من لفت النظر كون التجاوز كبيرا، مع إلزامه بالتوضيح والتراجع عن المعلومة عند ثبوت عدم دقتها. ليس من المفروض ان يكون هناك عقاب أكثر من هذا ضد الصحفيين. اما سجن الصحفي ووضعه مع المجرمين سنوات فذلك يتنافى مع سمات الدولة المدنية ويحيل الى حكومات الغاب.
المرتشون وناهبو المال العام والقتلة والمزورون من اقطاب السلطة يجدون عشرات المدافعين عنهم من نفس البيئات الرسمية بأشكال مختلفة، ونراهم طلقاء بعد توقيفات شكلية او ربما يجري تكريمهم وحمايتهم من خلال ابعادهم عن المشهد بما حملوه من سرقات لها شراكات مع متنفذين.
لا ادري لماذا تتمسك حكومات عربية بمصطلحات الديمقراطية تماشيا مع ديمقراطيات الغرب، في حين انها لا تفي بابسط اشتراطات الديمقراطية وحماية حق التعبير وحرية انتقال المعلومة الى الجمهور.
هناك من يريد حمل شعارات الديمقراطية في حين يتصرف مثل أي نظام حكم شمولي ديكتاتوري مر على البلاد من قبل.
ما يجري انتقاص لقيمة الدستور الذي ينص على حق التعبير وحرية الاعلام، وان أساليب التخويف التي يجري إطلاق اليد فيها لأقطاب من خارج المشهد الرسمي لتكميم الافواه لن تجدي نفعا، ولعلّها ستشجع مزيدا من الطاقات الإعلامية على الهجرة.
سجن الحكومات للصحفيين هي جرائم ضدهم، مهما كانت الاغطية القانونية التأويلية لذلك.