الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
هدنة ودبلوماسية الإمام الحسن

بواسطة azzaman

هدنة ودبلوماسية الإمام الحسن

جواد العطار

 

لم يظلم امام من شيعته ومحبيه قبل اعداءه مثل الامام الحسن بن علي المجتبى (عليهما السلام) ، وهو اكثر امام مظلوم في التاريخ الاسلامي مثلما كان يؤكد ويقول الشيخ احمد الوائلي رحمه الله في العديد من محاضراته ، ووفقا للكثير من المصادر الاسلامية. حيث يعرف الامام الحسن بـ «المظلوم» بسبب الظروف الصعبة التي واجهها خلال فترة امامته ، بما في ذلك معاهدة الصلح مع معاوية ، والتي اعتبرها البعض تنازلا عن حقه في الخلافة ، بالاضافة الى تعرضه للتهميش من قبل بعض اتباعه ومحبيه. فلماذا وصف بالمظلوم؟ وهو سبط الرسول الكريم وسيد شباب اهل الجنة وابوه خليفة المسلمين وامه سيدة نساء العالمين!!!.

لم يكن الامام الحسن عليه السلام يوما ضعيفا مثلما يدعي البعض ، مصداقا لقول الرسول الكريم: (ان ابني هذا سيد) بما يؤكد القوة والقيادة والشجاعة وهي مشهودة له في معارك الفتح ومع ابيه... صدق الرسول الكريم عليه وعلى آله افضل الصلاة والسلام. ولم يناله ظلم طيلة حياة الرسول الكريم او حياة وخلافة ابيه الى ان استلم الخلافة بعد استشهاد والده الذي اوصى له بها نزولا عند وصية الرسول الكريم السابقة وكان الاحق والاجدر من غيره بين عموم المسلمين في وقتها.

وهنا كان لمواقف الامام وابرامه الصلح مع معاوية وقعا كبيرا لدى شيعة ابيه واعداء معاوية الذين رفضوا الصلح جملة وتفصيلا واعتبروه تنازلا وتراجعا ، بينما كان في حقيقة الامر تدبرا وتدبيرا من الامام الحسن سلام الله عليه لعدة اسباب منها: انه لم يكن صلحا في المفهوم الحديث بل هدنة او وقفا مؤقتا لاطلاق النار اولا؛. وحقنا لدماء المسلمين ثانيا؛. وحفاظا على كيان الدولة الاسلامية الوليدة ثالثا؛. وتبادلا للمواقف رابعا؛ حيث اوقف معاوية عند حدود الشام على ان لا يسمى اميرا للمؤمنين وان لا يورث الحكم لابنائه ويوقف سب الامام علي عليه السلام على المنابر ، وان لا يلاحق شيعة اهل البيت.

ورغم علم الامام التام وادراكه بان معاوية لن يلتزم وبانه سينكل بكل بنود الهدنة ، الا انه كان يراهن على فضحه امام عامة المسلمين وابراز مساوئه في نقض العهود والمواثيق ،  وهو ما حدث بالفعل وبالضبط بعد استشهاد الامام الحسن عليه السلام.

العبرة والخلاصة والدروس المستنبطة من سيرة حكم الامام الحسن المجتبى القصيرة ، انه ضرب اروع الامثلة في الحفاظ على كيان الدولة وقوتها امام اعدائها الخارجيين المتربصين بها وبانقساماتها الداخلية في حينها ، وتعامل بحكمة ودبلوماسية مثلما تسمى حديثا في ادارة الشؤون الداخلية والخارجية ونجح في تثبيت اوتاد الاسلام ووضع اللبنات الاساسية لانتشاره في كل بقاع الارض فكان بحق الامام المنصور لا المظلوم... فهل من يتعظ من ساستنا بسير الائمة الاطهار وروح التضحية والايثار والحفاظ على مصالح الدولة قبل البحث عن المجد الشخصي او الانغماس في المناصب وتعميق بذور الفرقة والاختلاف؟.

 


مشاهدات 59
الكاتب جواد العطار
أضيف 2025/08/05 - 3:16 PM
آخر تحديث 2025/08/06 - 5:55 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 524 الشهر 4219 الكلي 11299305
الوقت الآن
الأربعاء 2025/8/6 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير