أزمة المياه في غزة تهديد للإنسانية
صفي اللـه الحسيني
تعد أزمة المياه من أخطر مظاهر الكارثة الإنسانية التي يشهدها قطاع غزة حاليا. فعلى الرغم من أن نقص المياه مشكلة قائمة منذ زمن طويل، إلا أن الحرب التي اندلعت في 7 أكتوبر 2023 فاقمت هذه الأزمة إلى حدٍّ بالغ. فقد أدى القصف والحصار الإسرائيلي إلى تدمير ما يقرب من 80 بالمئة من البنية التحتية لإمدادات المياه، مما اضطر السكان إلى السير يوميًا لعدة كيلومترات بحثا عن بضعة لترات من المياه المالحة أو الملوثة.
لم تقتصر آثار أزمة المياه على معاناة العطش فحسب، بل تسببت أيضًا في مخاطر صحية جسيمة. فبسبب المياه الملوثة ونقص أنظمة الصرف الصحي، تنتشر الأمراض بسرعة. وقد أفادت منظمة اليونيسف أن 100 بالمئة من المياه الجوفية في غزة أصبحت غير صالحة للشرب. ومن ناحية أخرى، يتطلب تشغيل مضخات المياه وجود الكهرباء، والتي انقطعت بالكامل بسبب الحرب، مما جعل هذه المضخات غير صالحة للعمل.
إن أزمة المياه في غزة لا تقل فتكا عن نقص الغذاء. ولكن من المؤسف أن هذه المأساة لا تحظى بالاهتمام الكافي في الإعلام العالمي أو في النقاشات الدولية. وقد صرّح متحدث باسم اليونيسف قائلا: «لا ينبغي تسييس المياه، تمامًا كما لا ينبغي تسييس الغذاء».
أما المساعدات المحدودة التي تقدمها المنظمات الإغاثية من مياه الشرب، فهي لا تفي حتى بالحد الأدنى من الاحتياجات. ففي بعض المناطق تم تركيب صنابير مياه، وفي مناطق أخرى يتم توزيع المياه عبر الشاحنات، ولكن كل ذلك لا يكفي.
وفي هذا السياق، يجب على المجتمع الدولي أن يقدّم المساعدة العاجلة لإعادة بناء البنية التحتية للمياه في غزة، وأن يضمن فتح ممرات إنسانية محايدة لتقديم الإغاثة. فالماء حق من حقوق الإنسان، وحرمان الناس منه جريمة إنسانية فادحة.