السفراء الجدد بين المحاصصة والمحسوبيات
رياض عبد الكريم
غريب وغريب جدا ما يحصل في العراق من أمور وقضايا لايصدقها عقل العاقل بالرغم من مرور اكثر من عشرين سنة على حكم النظام ، فالكثير من القضايا التي لاحصر لها فيها من السوء بقدر لاقانونية ولا دستورية القرار قد تحققت بفعل ارادات الجهل والمزاجية والمحسوبيات وأثارت حينها ردود فعل عنيفة من قبل الشارع العراقي واحقية التعبير من جمهور الشعب ، وكان اخرها هو ترشيح 91 سفير عراقي لتمثيل العراق في دول العالم ، وبحسب ماتم نشره من معلومات عبر وسائل التواصل بل حتى الاعلام عن مؤهلات هؤلاء السفراء اتضح انهم لايمتون بصلة لتلك المهة الكبيرة وليس لديهم أي فهم او تجربة تقربهم من أداء هذه المسؤلية بقدر انتمائهم الى عوائل المسؤولين وقادة الأحزاب كلا حسب قوة مسانديهم او من رشحهم ، والاغرب من ذلك ان الكثيرين منهم هم من خارج المؤسسة الدبلوماسية وربما البعض منهم لم يمارس العمل الوظيفي طيلة فترة حياته ولم يعرف اية لغة سوى العربية التي لايجيد نطقها او كتابتها بما ينسجم مع المهمات الدبلوماسية .
كنا نعرف ان المرشح لمنصب سفير يعد من اصعب مهام الحكومات في الاختيارات، ذلك لكونه يعتبر ممثلا لرئيس الدولة في أي بلد يعين فيه ، ولابد والحالة هذه ان يكون ملما بكل مواصفات رئيس الدولة بروتوكوليا وسياسيا وحضاريا ، ولديه معرفة بالقدر المناسب لطبيعة وظروف الدولة المعين فيها ومعرفة اكثر بكثير عن تأريخ بلده وظروفه السياسية والاجتماعية والثقافية والعلمية بل وحتى الاقتصادية ، انه بمثابة موسوعة مصغرة تحتوي كل هذه المعارف ، لذلك قلت ان الاختيار يعد من اصعب مهام الحكومات ، لانه ولكي تتأكد من هذه الواصفات عليها ان تخضع المرشح لعدة دورات واختبارات وورشات عمل يشرف عليها خيرة التخصصات الدبلوماسية ومن المخضرمين في العمل الدبلوماسي وخير دليل على ذلك هو تأسيس معهد الخدمة الخارجية في وزارة الخارجية الذي تخرج منه مئات السفراء الذين شغلوا المنصب بعد اختبارات مكثفة وعديدة في الوقت الذي فشل البعض الكثير وحجب عنها المنصب.
حذف واستحداث
فهل حصل كل ذلك ؟
الجواب اجزم بأن ذلك لم يحصل ، وان حصل فبطريقة ترقيعية غير منظمة لمجرد التعبير عن حسن النية !!
ثم مالفت انتباهي نشرت وسائل الاعلام خبر مصور عن عقدد الاطار التنسيقي اجتماعا لمناقشة ( حذف واستحداث ) مجموعة من السفراء ، ولا اعرف لماذا يجري تقييم هذا الموضوع من قبل الاطار ؟ الم يأتي الترشيح من قبل مجلس الوزراء وعليه فهو المعني المباشر لحسم الموضوع في ضوء الاعتراضات الواسعة التي أحاطت هذه العملية بما فيها اعتراضات مجلس النواب وتأجيل جلسة التصويت لاشعار اخر.
هذه القضية لايمكن ان تمر بالطريقة التي خطط لها ، ثم لماذا اقرت في هذا الوقت والانتخابات لم يبقى لها سوى اقل من أربعة اشهر ، فهل يعني ذلك انها مبيتة ومقصودة لان تحسم بموجب اتفاقات كواليس الموائد المستديرة في الغرف الضلماء ؟ ام انها جزء من صفقة انتخابية وفق مبدأ ( شيلني واشيلك ) .
الحكومة اليوم وفي هذه القضية بالذات امام اختبار لابد ان يكتب له النجاح من خلال إعادة النظر والدقيق بكل اسم تضمنته قوائم الترشيح مستعينه بخبراء دبلوماسيين ورجالات نزهية من القضاء وإعادة الاختبارات ومراجعة النظر بطرائق الترشيح وبموجب اية مواصفات او ضغوط او تأثيرات تم قبول الترشيح ، وللتذكير لايمكن ان ننسى الفضائح المشينة والسيئة التي مارسها بعض سفراء العراق في دول مختلفة من العالم والتي اثارت استياء وذهول المسؤلين في تلك الدول والتي أيضا اثارت سخرية الشعب العراقي واستهجانه وبقيت وسائل التواصل تعرض افلامها وصورها لمدة طويلة ، وفيا عدا ذلك فأعتقد ان ثمة غليان شعبي سوف يلاحق هذه القضية ، ناهيكم عن غضب وانزعاج النخب والاكاديميين داخل العراق وخارجه ممن يستحقون هذه المناصب الامر الذي يزيدهم استخفافا واستنكارا لتك القرارات .