الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
آل السعدون ودورهم الوطني في إنشاء إتحاد العشائر وإمارة المنتفج

بواسطة azzaman

آل السعدون ودورهم الوطني في إنشاء إتحاد العشائر وإمارة المنتفج

راجي العوادي

 

الخلاصة

كان هدف هذه الدراسة , هو تسليط الضوء  على نسب اسرة السعدون بكونها ترجع الى الاشراف وهو نفس نسب ملك الحجاز الشريف حسين (قريشي , هاشمي ) وكان ال السعدون امراء المدينة المنورة قبل ان يهاجروا الى العراق , كما سلطت هذه الدراسة الضوء على دور هذه الاسرة في انشاء اتحاد القبائل والامارة بما يسمى ب اتحاد قبائل المنتفج  , وامارة المنتفج  ودور هذه الاسرة الوطني في مقارعة الاحتلال والنفوذ الاجنبي.

لقد كانت كل تحركات آل سعدون الأشراف , حكام مملكة المنتفج ضد العثمانيين تتمحور بشكل عام حول سببين ، الأول انتزاع مدينة البصرة وجعلها عاصمه لمملكتهم , لكونهم يرون أحقيتهم بها  تاريخيا وعشائريا , والثاني الدفاع عن مناطق حكمهم في نصف العراق الأسفل من حملات التوسع العثمانية القادمة من بغداد .

استثناء مدينة

لقد كانت اسرة السعدون أبرز أسرة عربية ظهرت بالعراق ، فقد أسست دولة عربية في العراق وهي مملكة المنتفق المشهورة  مآبين 1530 – 1918 والتي كانت تشمل كل الجنوب العراقي – باستثناء مدينة البصرة التي تبادلت السيطرة عليها مملكة المنتفق والعثمانيين - ومناطق واسعه من وسط العراق ، وكانت تشمل في عصرها الذهبي (1668 – 1853) ما يقارب نصف العراق وكل البادية العراقية الممتدة من شمال الأحساء وعلى حدود نجد الشمالية وصولا الى شمال السماوة .

لقد تقاسمت أسرة السعدون النفوذ بالعراق مع الدولة العثمانية (في جنوبه وأجزاء من وسطه لأسرة السعدون وفي شماله وأجزاء من وسطه للدولة العثمانية بالإضافة للصراع المستمر حول مدينة البصرة) مما أدى إلى الاصطدام بين الطرفين في الكثير من المعارك والتي اغلبها كان النصر فيها للأمارة وعشائرها.

لقد أسست أسرة السعدون تاريخيا عدة مدن تجارية وكانت تتحكم بها في اقتصاد القبائل والحواضر في المنطقة. وكانت أول مدينة أسست لهدف تجاري في المنطقة في القرون المتأخرة  1781 هي مدينة سوق الشيوخ التي أسسها حاكم مملكة المنتفق الأمير الشريف ثويني بن عبدالله بن محمد بن مانع آل شبيب ، وتلتها انشاء مدينة الناصرية التي اسسها الشيخ ناصر باشا الأشقر بن راشد بن ثامر السعدون شيخ المنتفق عام 1869, وهذا يوضح التطور في الفكري والاقتصادي  والسياسي الذي وصل له حكام مملكة المنتفق في تلك الفترة ، بالإضافة الى توضيح امتلاكهم للقدرة السياسية والاقتصادية لإنجاح مثل تلك المدن .اخيرا استعرضنا بشكل مختصر السيرة العطرة للحياة  الجهادية  لبعض شيوخ السعدون وليس جميعهم ك (مانع , غامس ,سعدون بن محمد ,  ثويني , عجمي , حمود , سعدون بن ناصر).

مفتاح الكلمات : ال السعدون , المنتفج  , سوق الشيوخ , الناصرية   اكاديمي  , درس الماجستير في جامعة كيرتن بأستراليا 2008 والدكتوراه في جامعة ارجيس  بتركيا 2020

1- المقدمة

أسرة نبيلة

تعتبر أسرة السعدون أبرز أسرة عربية ظهرت في تاريخ العراق ، فقد أسست امارة عربية في العراق وهي مملكة المنتفج ما بين 1530 – 1918 حيث لم تظهر على مسرح الاحداث في تاريخ العراق الحديث أسرة نبيلة اسست وتولت امارة وتحكمت في مقدرات العراق ومصائره دهرا طويلا من الزمن مثل هذه الأسره المعروفة, فقد بسطت نفوذها على القسم الأعظم من العراق الجنوبي مدة تناهز 400 سنة , لقد عرفت هذه الأسرة بعد هجرتها الى العراق بآل شبيب نسبة الى ثاني حاكم لمملكة المنتفج ثم اشتهرت الأسرة لاحقا بآل سعدون نسبة لحاكم مملكة المنتفج الأمير الشريف سعدون بن محمد بن مانع آل شبيب.

أن شهرة المنتفج كانت على كل لسان في المجتمع العربي, ومكانة السعدون التي تتمتع بأهمية سياسية كبرى في جنوب ما بين النهرين , وكانت تعتمد بشكل رئيسي على أصولهم وارتباطهم بالنظام الاجتماعي للصحراء ولم يخضعوا لتأثيرات المحلية التي خضعت لها قبائل العراق الاخرى.

تاريخيا كانت أسرة السعدون من الأسر العربية القليلة التي استطاعت أن تجمع بين المشيخة القبلية وبين حكم الدولة, حيث كان آل سعدون شيوخ مشايخ لأتحاد المنتفج القبلي أكبر اتحاد للقبائل والعشائر مختلفة الأصول شهده العراق تاريخيا, كما كان آل سعدون حكاما لمملكة المنتفج وهي الدولة التي أسستها أسرة السعدون (الأشراف) واتسعت في عصرها الذهبي حتى شملت أكثر من نصف مساحة العراق, وقد حكمت أسرة السعدون (الأشراف) مملكة المنتفج منذ تأسيسها وحتى سقوطها نهاية الحرب العالمية الأولى في الفترة 1530- 1918.  لقد كانت هذه الأسرة العربية الكريمة أول من بعث الفكرة العربية من مرقدها في العراق الحديث ، وحمل راية النضال من أجلها بالدم والحديد في وجه الأتراك ، بعد أن دثرت وانطمست مآثرها على أيدي المغول الأثيمة , وقد كان العثمانيون يشعرون بثقل العبء الملقي على عاتقهم من نفوذ هذه الاسرة ووطنيتها .

 لانه لم يكن آل سعدون يترددوا من الإعلان عن عزمهم على تحقيق الاستقلال , لذلك كان العثمانيون تصرفا تهم وخططهم التي رسمت خلال مدة حكمهم كلها تستهدف ضعضعة الأسرة السعد ونية القوية والقضاء عليها بالحركات العسكرية والتدابير الادارية والضغط السياسي والاقتصادي حتى تقليص حجم المملكة فيما عرف بمرحلة الأفراز ما بين عام 1853 – 1881 (المرحلة الأخطر والأكثر تأثيرا في السياسات العثمانية ضد مملكة المنتفج) إلا أن اتحاد قبائل المنتفج حافظ على كونه أكبر اتحاد للقبائل في العراق.

2 - نسب ال السعدون

يتفق جميع المؤرخين سواء كان هؤلاء عرب او عثمانيين أو أجانب ان نسب أسرة آل سعدون ترجع للأشراف في الحجاز (1) وتحديدا إلى امراء المدينة المنورة, وقد كانت أسرة السعدون تعرف سابقا بآل شبيب نسبة إلى الأمير شبيب وقد تغير الاسم إلى آل سعدون في منتصف القرن الثالث عشر الهجري نسبة إلى الأمير سعدون بن محمد المقتول من الدولة العثمانية عام 1742 ونسبه هو الأمير سعدون (حاكم مملكة المنتفق والذي سميت الاسرة به) بن الأمير محمد (حاكم مملكة المنتفق) بن الأمير مانع الثاني (حاكم مملكة المنتفق) بن الأمير شبيب الثاني(حاكم مملكة المنتفق) بن الأمير مانع الصخا (حاكم مملكة المنتفق بن الأمير شبيب الأول (حاكم مملكة المنتفق) بن الشريف حسن(مؤسس مملكة المنتفق واتحاد قبائل المنتفق) بن الشريف مانع بن مالك بن سعدون الأول بن إبراهيم (أحمر العينين) بن الأمير كبش (امير المدينة المنورة) بن الأمير منصور (امير المدينة المنورة) بن الأمير جماز (أمير المدينة المنورة + أمير مكة المكرمة , وهو أول من سك عمله باسمه في مكة من أمراء المدينة المنورة) بن الأمير شيحة (أمير المدينة المنورة+أمير مكة المكرمة عام 637هـ) بن الأمير هاشم (أمير المدينة المنورة) بن الأمير قاسم (أبو فليته) (امير المدينة المنورة+ امير مكة عام 571هـ بن الأمير مهنا الاعرج (أمير المدينة المنورة) بن الأمير الحسين (شهاب الدين) (امير المدينة المنورة) بن الأمير مهنا الأكبر (أبو عمارة) (أمير المدينة المنورة) بن الأمير داود (أبو هاشم) (امير المدينة المنورة) بن الأمير القاسم (امير المدينة المنورة) بن الأمير عبيد الله (امير المدينة المنورة + امير العقيق)

 والشبيبة قرية بناها الاشراف من جماعة مانع بن مالك بن سعدون بن ابراهيم بن كبش بعد خروجهم من المدينة المنورة بسبب الحروب سنة 853 هجرية وهجرها ابنه مغامس بن مانع بسبب القحط وقلة المياه , وحسب الموروث الشعبي , فأن جد أسرة السعدون (الشريف شبيب بن مانع) قد ترك الشبيبة بعد أن توفي ابنه شبيب وابنته نورة بالطاعون هناك، وقد سميت المنطقة بالشبيبة نسبة لذلك الابن ، وقد أخذ آل سعدون نخوتهم (أخوان نورة) نسبة الى نورة بنت الشريف, وقد تمكن الشريف المهاجر الى العراق مطلع القرن السادس عشر الميلادي  من تأسيس أكبر اتحاد للقبائل والعشائر شهده العراق تاريخيا وهو اتحاد قبائل المنتفق (2)

يذكر النبهاني الطائي (3) بقوله نسب أسرة السعدون الأشراف (حكام مملكة المنتفق وشيوخ مشايخ قبائلها) فإنهم منسوبون إلى الشيخ سعدون, وكان رئيسهم الذي أدركناه هو (عجيمي باشا) ابن سعدون باشا بن منصور باشا ابن راشد بن ثامر بن الشيخ سعدون الكبير (الذي قتل في معركة حصلت بين المنتفق والعثمانيين حينما كانوا نازلين في بادية العراق قرب السماوة) وقد اشتهر بنوه به فقيل لهم (آل سعدون)

وقد شهد جلالة الملك حسين ملك الحجاز ان بين عائلة ال سعدون وعائلته الشريفة رابطة نسب وكذلك آل سعدون يرون الرابطة ويعدونها نسبهم الصريح الذي به يواجهون كبار العرب وذوي الانساب العالية (4)

ان الأشراف آل سعدون أهل العراق، وعدادهم في بني المنتفق «العائلة السعد ونية من أشد الناس تعصيًا ومغالاة في المحافظة على النسب والحسب، الأمر الذي سبب عدم اتصالهم في أبناء بلادهم من طريق المصاهرة, فهم لا يزوجون نساءهم من أحد غيرهم مهما سمى نسبه ورفع حسبه، وكذلك لا يزوجون أبناءهم الذين أمهاتهم إماء أو سرايا من بناتهم الصحيحات الحرائر، بل يزوجونهم من اللائي هن مثلهم، حيث في عرفهم أن من كانت أمها أمة أو سرية فهي منقوصة (5)

 

 

 

 

 

 

3 - فروع عشيرة السعدون

ينقسم آل سعدون في وقتنا الحالي إلى خمسة عشر فرعاً (زائداً عليها فرع منقرض), وينقسم كل فرع إلى حمائل, والتي تنقسم كل حمولة منها إلى بيوت , والفروع هي الاتي:

1 - فرع (آل صالح الأطرش) : وهم ذرية الشيخ صالح الأطرش بن شبيب بن الشريف حسن الحسيني

2 - فرع (آل صقر) : وهم ذرية الشيخ صقر بن مانع بن شبيب بن الشريف حسن الحسيني (وكل ذريته من ولده        شيخ مشايخ المنتفق ناصر بن صقر)

3 - فرع (آل راشد الشبيب) : ذرية الشيخ راشد بن شبيب بن مانع بن شبيب بن الشريف حسن الحسيني (وكل           ذريته من ولده الشيخ بدر بن راشد)

4 - فرع (آل عزيز) : ذرية الشيخ عبد العزيز بن مغامس بن مانع بن شبيب بن مانع بن شبيب بن الشريف حسن       الحسيني, وكان له أخ هو شيخ مشايخ المنتفق بندر بن مغامس لم يعقب ذرية

5 - فرع (آل روضان) : ذرية الشيخ روضان بن عبد المنعم بن محمد بن شبيب بن مانع بن شبيب بن الشريف حسن      الحسيني   

6 - فرع (آل عبد الله الشبيب) : ذرية شيخ مشايخ المنتفق عبد الله بن محمد بن مانع بن شبيب بن مانع بن شبيب بن       الشريف حسن الحسيني, وبقي منهم حمولة واحدة من ذرية شيخ مشايخ المنتفق ثويني بن عبد الله, وكان له           ستة أخوة هم (صقر, وحبيب, وناصر, ونجم, علي, ومغامس)

  7 - فرع (آل حمود): ذرية شيخ مشايخ المنتفق حمود بن ثامر السعدون

  8 - فرع (آل محمد) : ذرية الشيخ محمد بن ثامر السعدون

  9 - فرع (آل راشد) : ذرية الشيخ راشد بن ثامر السعدون

  10 - فرع (آل عبد الله) : ذرية الشيخ عبد الله بن ثامر السعدون

  11 - فرع (آل صالح) : ذرية الشيخ صالح بن ثامر السعدون

  12 - فرع (آل علي) : ذرية الشيخ علي الدواي بن ثامر السعدون

13 - فرع (آل ناصر الثامر) : ذرية الشيخ ناصر بن ثامر السعدون

  14 - فرع (آل عبد المحسن) : ذرية الشيخ عبد المحسن بن ثامر السعدون

  15 - فرع (آل منصور الثامر) : وهم ذرية الشيخ منصور بن ثامر السعدون

4 - دور عشيرة السعدون في الجانب الاجتماعي والسياسي

4 - 1تاسيس اتحاد القبائل وانشاء امارة  المنتفج

يعتقد أن الشريف شبيب قدم الى العراق بعد سنة 1000هـ وأنه أو أباه حين قدم الى العراق جاور قبيلة بني مالك ونظراً لأنه من الأشراف فقد أكرم غاية الإكرام من قبل قبيلة بني مالك وشيخها آن ذاك ابن خصيفة بل زوجوه احدى بناتهم ورزق منها بأولاد ، وكان في ذلك الوقت حروب وغارات متواصلة بين بني مالك وقبيلة الأجود التي كانت متفوقة على قبيلة بني مالك ومع مرور السنين كبر أولاد الشريف وشاركوا أخوالهم في معاركهم ضد قبيلة الأجود وفي احدى هذه المعارك قدر أن يقتل أحد أبناء الشريف وتنهزم قبيلة بني مالك هزيمة نكراء  وبعد مدة أخذ الشريف بالإعداد للانتقام من قبيلة الأجود فقام بتجميع أشتات القبيلة مره أخرى تحت قيادته فبذل المال واشترى الخيول والسلاح وأغار على قبيلة الأجود وداهمهم فجراً فقتل منهم مقتلة عظيمة ويقال أنه لم يبقى من الرجال أحد سوى رجلاً مسناً أشرف على تربية 40 طفلاً من الأيتام والنساء ، ومن ذلك الوقت تزعم الشريف على بني مالك وعقد اتفاق مشروط مع الأجود وجمع مشيخة بني مالك والأجود وسموا بالمنتفج وبعد ذلك انضم لهم بني سعيد هذه خلاصة الموروث الشعبي عن كيفية تزعم السعدون على قبيلتي الأجود وبني مالك د.

ان المنتفج هو اسم يطلق على اتحاد القبائل العراقية التي تقطن ضفتي القسم الجنوبي من نهر الفرات في بحيرة هور الحمار , وشطرا , وقلعة سكر , والناصرية , ومدينة سوق الشيوخ . وهنالك ثلاثة أقسام رئيسية لاتربطها رابطة الا قبولها المشترك لسلطة عائلة السعدون , وهذه التجمعات هي : أجود , وبني مالك , وبني سعيد (6)

ان المنطقة الممتدة من القرنة الى الناصرية , وماقيها من مستنقعات وأهوار الشلب وبساتين النخيل والبادية , تسكنها الآن حوالي خمسين قبيلة ذات أصل مختلف كانت كل منها تؤلف في وقت من الأوقات جزءا من مجموعة قبائل المنتفج في ظل الأسرة الحجازية الجبارة, أسرة السعدون , وكانت أمارة المنتفج اقتصاديا  تسيطر على الحركة الملاحية التجارية في أنهار دجلة والفرات يضاف الى ذلك عائدات ضخمة من الجمارك , كان يوجد على الفرات في القرن الثامن عشر نقطة جمركية مقابل نهر عنتر وأخرى في عرجة , وكانت هذه تابعة لفرع الصالح من عائلة الشيوخ , وفي القرن التاسع عشر أصبحت جمارك الفرات تجبى في سوق الشيوخ (7)

لقد أسست أسرة السعدون مدنا اقتصادية (تجاريه) مثل سوق الشيوخ والناصرية ولاحقا الخميسية عاصمة امارة المنتفج  ما بين 1892-1911التي بناها ابن خميس بايعاز وحماية من الأمير فالح السعدون وكانت تتحكم في اقتصاد وتجارة القبائل بواسطة هذه مدن وقد كانت أسرة السعدون تهتم باقتصاد الأمارة من الناحية الزراعية في جنوب ووسط العراق حيث قاموا بتشجيع عشائر وقبائل من الجزيرة العربية ومن أنحاء العراق الأخرى الى الهجرة الى امارة المنتفق وقاموا بإعطائهم أراضي على ضفتي الفرات وذلك لكي يزرعونها وبذلك ازدهرت الزراعة والصادرات الزراعية للامارة وانتعش اقتصاد الأمارة من الضرائب المفروضة على المنتجات الزراعية من هذه الأراضي .

لقد حدثت هجرات متتالية  من القبائل العربية من نجد ومن عموم الجزيرة العربية الى هذه المنطقة الوافرة المياه , والترحيب بهم من قبل شيوخ المنتفج (آل سـعدون ) واحلالهم بما يليق بكرامة العربي , واقطاعهم الاراضي على ضفتي الفرات , للزراعة الموسمية والبستنه , ومن بينهم من كان يحسن زراعة النخيل , ممن جاء من جنوب الجزيرة العربية – من الأحساء والقطيف – وهكذا نشأت بساتين النخيل على الضفتين وازدهرت الزراعة (8)

يذكر النجدي (9) ان لكل قبيلة منهم لهم نخيل معروفة وقرى معلومة من البصرة وأيديهم عليها. واستمرت بعدهم في أيدي أولادهم ثم أولاد أولادهم، وجعلوها ملكا لهم وعجز عنهم صاحب بغداد، وكانت الرئاسة على المنتفج لآل سعدون من آل شبيب وصاروا ملوكا وملكوا البصرة وسوق الشيوخ .

هناك عدد كبير من الشيوخ الثانويين تحت سيادة شيخ مشايخ المنتفج، كل هذا العدد من الشيوخ تحت أمرة شيخ المنتفج، وعن طريق كل منهم تصل تعليمات الشيخ الرئيسي إلى افراد قبائلهم وعليهم ان ينفذوا هذه الاوامر طوعا لا اكراها وخلاصة القول يملك شيخ مشايخ المنتفج السلطة المطلقة على كل القبائل والعشائر التابعه له (10).

ان اتحاد المنتفق ، أقوى الاتحادات العراقية وأكثرها عددا ,  وفي مقدوره أن يقدم إلى ساحة المعركة مايقارب من (50,000) ألف مقاتل ، بفضل اتحاد قبائله ورؤسائه من آل السعدون .

يذكر العزاوي ان انتشار قبائل اتحاد المنتفج أكبراتحاد للقبائل والعشائر مختلفة الأصول شهده العراق تحت مشيخة شيخ من ال السعدون , وان قبائل المنتفج من أعظم عشائر العراق يمتدون من الحلة والديوانية والسماوة حتى البصرة وأراضي الحويزة، وكذا لواء العمارة غالبه منهم, ويرأس هذه القبائل أحد مشايخها مستقلا ويقال لأراضيهم المنتفج(11)

ذكر المؤرخ الوائلي البصري، نسب حاكم مملكة المنتفج وشيخ مشائخ قبائلها الأمير ثويني بن عبد الله بقوله (ثويني هذا هو ابن عبد الله بن محمد بن مانع ) تولى مشيخة المنتفج كما تولاها أبوه وجده أجواد العرب وشجعانها) الذي يعرف نسله بالأشراف، والأمير ثويني بن عبد الله هو ابن أخ الأمير سعدون بن محمد الذي عرفت باسمه لاحقا الأسرة الحاكمه في مملكة المنتفج (12) وان العامري بين ان ال السعدون هم أولاد ثامر بن سعدون آل محمد (13)

ان إمارة المنتفج هي إمارة عشائرية مارست نفوذًا عسكريًا وسياسيًا واسعًا على مناطق جنوب العراق أبان العصر العثماني ودولة مماليك العراق، بلغ ذروته أن أمر سعيد بن سليمان الكبير، حاكم بغداد صار بيد حمود شيخ المنتفق كالطفل في يد وصيّه (14)

يذكرالزِّرِكْلي (15)عن حاكم امارة المنتفج وشيخ مشائخ قبائلها الأمير حمود بن ثامر بن سعدون بن محمد بن مانع الشبيبي الحسيني أمير المنتفق في العراق ,  وأحد من اشتهروا بالفروسية , فقد  كانت أيام حروبه تعدّ كأيام العرب في الجاهلية... ولجأ إليه من بغداد أحد باشوات الترك (سعيد باشا) فارّاً من الوالي عبد الله باشا، فطلبه هذا من حمود، فأبى تسليمه. فكتب إليه الوالي بالعزل (سنة 1227هـ) وجرَّد جيشاً لقتاله، فقابله حمود. ونشبت بينهما معركة انهزم فيها جند الوالي واستسلم هو وبعض القواد، فأمر حمود بقتلهم فقتلوا , واستفحل أمره فضم إلى امارته ما في جنوب البصرة من القرى ,  واتسعت ثروته, وقصده الشعراء بالمدائح ، فكانت جوائزه حديث الناس وسافر إلى بغداد ومعه سعيد باشا، فكتب سعيد إلى الآستانة فجاءته التولية على العراق (بغداد وشهرزور والبصرة) سنة 1228هـ وعاد حمود إلى المنتفج وأمره نافذ في الوالي الجديد .

وكنتيجة لعجر الدولة العثمانية عن الإستيلاء على مملكة المنتفج , فقد لجأت الى سياسة دعم الإصطدام بين أبناء الأسرة الحاكمة في مملكة المنتفق (آل سعدون) وتشجيع التنافس بينهم على الحكم، حيث أبدت استعدادها لتقديم الدعم العسكري والسياسي لأي فرد من أبناء الأسرة الحاكمة في مملكة المنتفج مقابل خروجه على الحاكم الفعلي من أبناء عمه وتعهدت بدفع ضرائب للدولة العثمانية بعد وصوله للحكم، وهو ما أدى الى كثرة الطامحين الى الوصول للحكم، وتسبب في الكثير من المعارك الداخلية في مملكة المنتفج في تلك الفترة , يذكر ابن عيسى أحد هذه المعارك وهي معركة داخلية بين أبناء أسرة السعدون (الأشراف) على الحكم في القرن التاسع عشر، أنتهت  بإنتقال الملك في مملكة المنتفق المشيخة (الرئاسة) في اتحاد قبائل المنتفق من فرع آل محمد من أسرة آل سعدون الى ذرية راشد من أسرة آل سعدون سنة 1268هجرية وفيها حصل واقعة شديدة بين عيال راشد بن ثامر السعدون ومن تبعهم من المنتفج وبين عيال عبد الله العقيل بن محمد بن ثامر السعدون ومن تبعه من المنتفق , وصارت الرياسة لعيال راشد على المنتفج وصار لهم الملك والرئاسة (16)

منذ 1853 بدأت مملكة المنتفج الدخول في أضعف فتراتها التاريخية وذلك عندما بدأت مرحلة الإفراز (المرحلة الأخطر والأكثر تأثيرا في السياسات العثمانية ضد مملكة المنتفج)  وتتلخص هذه المرحلة بدعم العثمانيين لأحد أفراد الأسرة الحاكمة في مملكة المنتفق (آل سعدون) ضد الحاكم الفعلي من أبناء عمه, وهذا الدعم يكون بالقوات العسكرية العثمانية والسلاح والاعتراف السياسي بحكمه، وذلك مقابل تخلي الحاكم الجديد عن أراضي من دولته (بكل قبائلها وعشائرها) للدولة العثمانية ، وكان أول إفراز هو إفراز لواء السماوة كاملا بكل عشائره وقبائله والتنازل عنه للدولة العثمانية الشرقي يذكر مرحلة الإفراز وتدرج العثمانيين باقتطاع أراضي مملكة المنتفق في القرن التاسع عشر، وتم للعثمانيين ما أرادوه في بلاد المنتفق وكانوا يعملون عليه منذ قرون تقريبا فقد جاؤا على البنيان بالهدم حجارة حجارة حتى اتوا عليه وقد تدرج العثمانيون ينقصون مملكة المنتفج من السماوة والعمارة ومن أنحاء البصرة ومن السياسات التي بدأت الدولة العثمانية في هذه المرحلة تطبيقها في محاولة لإستمالة آل سعدون ، هي سياسة منحهم ألقاب رسمية عثمانية، حيث كان الأمير الشريف منصور السعدون أول من حصل على لقب (باشا) من آل سعدون عام 1860 وانتهت هذه الحقبة التاريخية عام 1881 بسقوط مملكة المنتفج أمام الدولة العثمانية لأول مرة منذ 350 سنة وذلك في معركة كون الريس (17)

بعد عام 1884 تمكن آل سعدون من إعادة تأسيس مملكة المنتفج مرة أخرى، ولكن مملكة المنتفج انقسمت الى قسمين متصارعين ، ونتيجة لعجر الدولة العثمانية عن إيقاف نمو نفوذ آل سعدون , فقد لجأت الى أسلوبها القديم بدعم الإصطدام بين أبناء الأسرة الحاكمة في مملكة المنتفج) .)

أن الدولة العثمانية كانت سياستها داعمة لحالة الانقسام داخل الأسرة الحاكمة وذلك بهدف تفكيك وحدة القبائل في مملكة المنتفج (18)

لكن الحدث الحاسم ان  سقطت الدولة  العثمانية في نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918 بعد قتال لمدة أربع سنوات ضد بريطانيا العظمى(19)

يمكن القول ان  الوحدة العظيمة بين اتحاد القبائل كان سببا رئيسيا لصمود مملكة المنتفق لعدة قرون أمام الحملات العثمانية وحملات الدول الإقليمية, وهذه الوحدة (التي أوجدتها أسرة السعدون الأشراف بين قبائل المنتفق) جعلت مملكة المنتفق وقبائلها وحكامها اللاعب الرئيسي في تاريخ العراق .

ان تنوع أصول قبائل المنتفج  بشكل يثيرالدهشة بحيث أنه يوجد في هذا الاتحاد قبائل وعشائر من معظم الأصول العربية، ويرجع السبب في ذلك الى تشجيع الأسرة الحاكمة في مملكة المنتفج أسرة السعدون لسياسة الهجرة للقبائل والعشائر العربية الى مملكة المنتفق, وقد ضم اتحاد المنتفق قبائل كان لها دول وإمارات تاريخيا في العراق، ونظرا لكون أسرة السعدون (الأشراف) هي الأسرة المؤسسة لاتحاد قبائل المنتفج , فإن الحاكم لمملكة المنتفق من آل سعدون الأشراف يحمل لقب (شيخ مشايخ المنتفج) ويعتبر شيخ مشايخ فعلي لكل القبائل والعشائر في هذا الإتحاد القبلي الضخم , وكثرة قبائلها وتنوع أصولها (20)

وكانت أمارة المنتفج اقتصاديا تسيطر على الحركة الملاحية التجارية في أنهار دجلة والفرات (21)

ولقد تزامن ازدهار الناصرية التي ظل البدو حتى ذلك الوقت يتقاطرون عليها لا من مناطق العراق المجاورة فحسب وانما من البلدان البعيدة أيضا كالكويت ونجد وصحراء شمال شبه جزيرة العرب (22)

4 - 1بعض عشائر المنتفج*

عشائر المنتفج ذات كثرة وتفرع الى عدة قبائل , فمن قبائلها : بنو مالك , والأجود , وبنوسعيد, وبنو ركاب , والخفاجة , والطوينات , والشويلات , والطوكبة , والبدور , والشريفات , والجمعيات , والماجد وآل صالح , والزهيرية , وشمر الزوابع , وشمر العبيدات وبنو سكين , وبنو تميم , والسليمات , والعيايشة , والبراجقة , والغزيوي , والعوينات , والفضيلة , وبنو نهد , وعبوده , والمجاوعة , وخرسان , وأمارة وربيعة , وكويش , وسراج , وآل دراج وآل شبيب وأكابر آل شبيب آل سعدون , وهم شيوخ المنتفك في عصرنا الحاضر.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

* نديم شكري .العراق في عهد السيطرة العثمانية .ص 60

4 – 2 حكام إمارة المنتفج

1- شبيب بن مانع بن مالك (مؤسس اتحاد قبائل المنتفق وإمارة المنتفج)

2 - الأمير مانع (الأول) بن شبيب

3- الأمير صالح الاطرش بن شبيب

4 - الأمير شبيب (الثاني) بن مانع

5 - الأمير مغامس بن مانع (الأول)

6 - الأمير راشد بن مغامس بن مانع

7 - الأمير عثمان بن صالح (الأطرش) بن شبيب الأول

8 - الأمير مانع بن شبيب (مانع السخاء)

9 - الأمير مغامس بن مانع السخاء

10 - الأمير محمد بن مانع بن شبيب

الأمير منيخر بن ناصر بن صقر بن مانع-11

12 - الأمير سعدون بن محمد بن مانع، والملقب بسعدون الكبير

13- الأمير بندر بن عبد العزيز بن مغامس بن مانع

14- الأمير عبد الله بن محمد بن مانع

15- الأمير ثامر بن سعدون الكبير بن محمد

16 - الأمير ثويني بن عبد الله بن محمد

17 - الأمير حمود بن ثامر بن سعدون الكبير

18 - الأمير عجيل بن محمد بن ثامر بن سعدون الكبير

19- الأمير ماجد بن حمود بن ثامر

20 - الأمير فيصل بن حمود بن ثامر

21 - الأمير عيسى بن محمد بن ثامر

22 - الأمير بندر بن محمد بن ثامر

23 - الأمير فهد بن محمد بن ثامر

24 - الأمير فارس بن عجيل بن محمد

25 - الأمير منصور (باشا) بن راشد بن ثامر

26 - الأمير صالح بن عيسى بن محمد

27 - الأمير بندر بن ناصر بن ثامر

28 - الأمير فهد بن علي بن ثامر

29 - الأمير ناصر (باشا) بن راشد بن ثامر

30 - الأمير فالح (باشا) بن ناصر (باشا) بن راشد

31 - الأمير ناصر (باشا) بن راشد بن ثامر

32 - الأمير سعدون (باشا) بن منصور (باشا) بن راشد

33 - الأمير عجمي (باشا) بن سعدون (باشا) بن منصور باشا

34 - الأمير عبد الله (بيك) بن فالح (باشا) بن ناصر باشا

35 - الأمير يوسف (بيك) بن عبد الله (بيك) بن منصور باشا

4 – 3 بعض المعارك التي خاضها امراء السعدون

بعد أن عرضنا كيفية تزعم السعدون على هذه القبائل دعونا نرى الأحداث التى حدثت بعد تولي ال السعدون بذكر الشيخ  وما رافقته من أحداث

1 – الشيخ مانع بن شبيب 1690 : بعد اعتداء والي مدينة البصرة العثماني على سكان مدينة البصرة بسبب الضرائب والرسوم التي لم يستطع الأهالي دفعها بسبب الطاعون , تدخل حاكم مملكة المنتفق الأمير الشريف مانع بن شبيب آل شبيب وجهز جيشا من ثلاثة آلاف فارس من فرسان قبائل اتحاد المنتفق , وبعد وصول قوات حاكم مملكة المنتفق إلى الدير قرب البصرة, حتى قام والي البصرة بتجهيز جيش  ب 500 مقاتل عثماني وخرج بهم ، واندلعت معركة شرسة انتهت بمقتله مع جنوده , لذا  بدأت الدولة العثمانية ترسل له الحملات العسكرية الكبيرة والمتتابعة والتي كسرت كلها ، ومنها حملة عثمانية  تم دعمها بقوات الانكشاريين (أشرس القوات العثمانية) قام رجال قبائل المنتفق بعد هزيمتهم بانتزاع بدلات الانكشاريين ولبسها ، ودخلوا بها البصرة , مما شكل إهانة للعثمانيين أمام القوى الدولية المتواجدة في البصرة كبريطانيا العظمى وهولندا , وهذا ما ضاعف من تأثير الخسارة وأجبر العثمانيين على طلب التفاوض كما بينه الاعظمي *  

لقد كانت انتصارات عشائر المنتفج على العثمانيين بقيادة الشيخ مانع مدوية في كل العراق حتى أطلق المثل الشعبي (أمنع من مانع) توفي حاكم مملكة المنتفق الأمير الشريف مانع عام 1703 وخلفه بالحكم ابنه الأمير مغامس عم الأمير سعدون بن محمد بن مانع الذي عرفت الأسرة باسمه لاحقا, ولقد ترك الأمير مانع بن شبيب خلفه ذرية صنعت أهم الأحداث في تاريخ العراق ، وحاربت دول كبرى مثل العثمانيين والفرس والإنجليز.

2 - الشيخ مغامس بن مانع 1120هجرية : أهم حدث هو المعركة الطاحنة التي جرت بين المنتفق بقيادة مغامس والجيش العثماني , وقد انضمت للشيخ مغامس قبائل السراج وزبيد  ومياح وبني خالد وغزية وشمر ، وفي أثناء المعركة قتل الفارس البطل الشيخ ( تركي بن صبيخه ) شيخ الأجود وكان عضد الشيخ مغامس فتأثر عليه وانسحب لأن الشيخ تركي كان شوكتهم وبموته انكسروا.

3 - الشيخ سعدون بن محمد بن مانع : وهو عمود العائلة وأصبحت المشيخة في أبناؤه إلا ما ندر ، وقد تولى الامارة بعد الشيخ مغامس وكان قوي البأس والعزيمة وخاض الكثير من الحروب الى أن قتل في أحدها سنة 1151 هجري , وقيل غير هذا التاريخ وكانت الامارة في أيامه بين قوة فائقة وضعف بسبب كثرة الحروب.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

*ظريف الاعظمي . مختصر تاريخ البصرة . ص 153  

.عام 1779 4 - الشيخ ثامر بن سعدون : جرت له حوادث عديدة وقتل في معركة مع قبيلة الخزاعل

5 - الشيخ ثويني بن عبدالله : مدة حكمه من 1760 - 1779وهو من أشهر المشايخ وأفواها , ساهم في العصيان الذي قام به والده ضد الدولة العثمانية سنة 1768 كما كان الساعد الأيمن في جميع حركات ومواجهات الأمير ثامر، وشارك في محاربة الفرس عند محاصرتهم واحتلالهم البصرة 1775, احتلَّ البصرة سنة 1202هجرية  فحكمها مستقلًّا ثلاث سنوات , ووصلت غزواته الى القصيم في نجد وهو منتصر بأغلب معاركه , وقد غزا الاحساء يريد ابن سعود , ولكن غدر فيه عبد يقال له طعيس وهومن عبيد بني خالد ضربه بحربة بظهره حين وصولهم الاحساء وقبل بدأ المعركة  , فانهزم جيشه بعد مقتلة (23)

مما يشار اليه ان الأمير ثويني بن عبد الله هو حفيد للأمير مانع بن شبيب وهو ابن أخ الأمير سعدون بن محمد بن مانع .   

6 - عجمي باشا بن سعدون بن منصور بن راشد السعدون أبو مطشر: طلبت منه بريطانيا

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 683 الشهر 20680 الكلي 11174292
الوقت الآن
الأربعاء 2025/7/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير