الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الدولة الهشة..و حكومة الطشة

بواسطة azzaman

الدولة الهشة..و حكومة الطشة

ضياء واجد المهندس

 

تقول خاچية:

(حين تعجز الحكومة عن فرض النظام وتغيب سلطة القانون وتستخدم الاعلام لنشر انجازات واهمة ، فلن تكون قوية )

شهدت العاصمة بغداد، مؤخرًا، حادثة خطيرة تعكس عمق الأزمة البنيوية في هيكل الدولة العراقية، حين اندلعت اشتباكات مسلحة بين قوات أمنية نظامية وقوة تابعة لأحد ألوية الحشد الشعبي، على خلفية نزاع إداري حول منصب مدير عام زراعة بغداد - الدورة.

ما كان يفترض أن يكون انتقالًا إداريًا روتينيًا، تحوّل إلى ساحة قتال داخل العاصمة، بعدما أقدمت قوة مسلحة تابعة للواءين 45 و46 في الحشد الشعبي على مهاجمة مبنى حكومي رسمي دون أوامر من الجهات العليا، وبشكل يخالف كل ما تمثله الدولة من نظام وقانون.

خرق فجّ للسيادة القانونية

الحادثة تكشف ليس فقط تغوّل بعض الأجنحة المسلحة المرتبطة بأحزاب سياسية، بل كذلك فشل الحكومة في بسط سلطتها على جميع القوات التي يفترض أنها "تحت مظلة الدولة". فتلك الألوية، المنضوية شكلًا ضمن الحشد الشعبي، تتحرك بأوامرها الخاصة، وتتدخل في القرارات الإدارية، وتستخدم السلاح لفرض إرادة سياسية حزبية، في سلوك يُعَدّ انتهاكًا صارخًا لدستور البلاد وقوانينها.

كيف يمكن لمجموعة تدّعي الانضواء تحت راية الدولة أن تهاجم مؤسساتها؟ ومن يمنحها هذا الحق إن لم يكن ضعف السلطة المركزية وترددها المزمن في حسم الملفات الأمنية التي باتت تهدد السلم الأهلي والإداري؟

دولة داخل الدولة

إن خطورة ما حدث لا تكمن فقط في عدد الضحايا – شهيد من الشرطة، مواطن مدني، وضباط جُرحوا – بل في الرسالة التي يبعثها هذا السلوك للعراقيين: أن لا سلطة تعلو على سطوة السلاح الحزبي، وأن الوظائف العامة ليست محكومة بالكفاءة أو القانون، بل بمن يحميها بقوة الفرض والسلاح.

لقد تحوّلت بعض الفصائل إلى "دولة داخل الدولة"، تمتلك تمويلاً، سيارات، مقرات، وحتى جهازًا أمنيًا داخليًا خاصًا، وتعمل خارج سلطة القيادة العامة للقوات المسلحة، التي يفترض أن تكون المرجع الأعلى لكل من يحمل السلاح.

الحكومة.. بين العجز والتواطؤ

في كل مرة تقع فيها تجاوزات مشابهة، تكتفي السلطات بإصدار بيانات "تحقيق أولي"، دون أن تترجم أقوالها إلى أفعال رادعة. وإن تم اعتقال بعض العناصر المهاجمة، فالتجارب السابقة تشير إلى أن الإفراج عنهم قد يكون مسألة وقت، بفعل الضغوط الحزبية أو الصفقات السياسية.

وهنا تكمن المعضلة الأكبر: إن استمرار السكوت عن تجاوزات الفصائل سيؤدي إلى تفكيك الدولة من الداخل، ويغري المزيد من الجماعات على خوض مسارات العنف والابتزاز المسلح لتحقيق المكاسب.

الحل: سلطة واحدة، سلاح واحد

لن تُبنى الدولة ولا تُحمى هيبتها طالما بقي السلاح خارج السيطرة، ومادام البعض يعتقد أن قربه من مراكز النفوذ الحزبي يتيح له خرق القانون والإفلات من العقاب. يجب أن تعود جميع الفصائل – بما فيها الحشد الشعبي – إلى الانضباط الكامل تحت سلطة القائد العام للقوات المسلحة، لا أن تكون أدوات تُستخدم في نزاعات حزبية أو صراعات نفوذ.

ما حصل في الدورة ليس حادثًا عابرًا، بل إنذار خطير. فإما أن تُحسم المعركة لصالح الدولة، أو تُترك لعراق آخر، تسوده الفوضى، وتنهار فيه الحدود بين الأمني والسياسي، وبين الدولة والميليشيا.

 

 

رئيس مجلس الخبراء العراقي

مرشح مستقل

قائمة البديل

تسلسل 9


مشاهدات 113
الكاتب ضياء واجد المهندس
أضيف 2025/07/30 - 3:05 AM
آخر تحديث 2025/07/30 - 5:40 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 654 الشهر 20651 الكلي 11174263
الوقت الآن
الأربعاء 2025/7/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير