ما يحصل في بلدي
كامل الدليمي
في الوقت الذي يئنّ فيه المواطن تحت وطأة الأزمات الاقتصادية والمعيشية والخدمية، وفي ظل تفاقم مشكلات البطالة وسوء والفساد، يتصاعد الخطاب الطائفي والقومي في بلدي بشكل مقلق، حتى بات أداة لتأجيج الشارع، وليس وسيلة للتعبير عن مظلومية أو مطالبة بحق.
هذا التصعيد لا يأتي من فراغ، بل أصبح مدخلًا مفضّلًا لتغطية كثير من الملفات العالقة التي عجزت الطبقة السياسية عن حلّها، أو تهرّبت من مواجهتها. ملفات تتعلق بحياة الناس وكرامتهم، من العدالة الغائبة، إلى الفساد المستشري، إلى الانقسام المجتمعي الذي يزداد عمقًا مع كل خطاب متشنّج يصدر من هذا الطرف أو ذاك.
الخطورة لا تكمن فقط في وجود هذا الخطاب، بل في تحوّله من أداة سياسية ظرفية إلى قناعة مجتمعية راسخة. وهنا تحديدًا يبدأ الانهيار، إذ تنتقل العدوى من المنابر والشاشات إلى النفوس والعقول، ويُعاد تشكيل الوعي الجمعي على أسس مذهبية وعرقية، بدلًا من الوطنية والمواطنة.
لا يمكن لبلد أن ينهض تحت سقف الانقسام، ولا تُبنى دولة بشعارات تُرفع في النهار وتُخرق في الليل. إن توحيد الصفوف لا يتم بالخطابات الرنانة، بل بنشر العدالة الحقيقية، ومنح فرص متساوية لجميع المواطنين في التعليم والعمل والتمثيل، بعيدًا عن المحاصصة والتهميش.
ما يحصل في بلدي ليس قدَرًا، بل نتيجة طبيعية لمسار سياسي خاطئ استمر سنوات، وحان الوقت لتصحيح مساره . علينا أن نكسر حلقة الخطاب التحريضي وننتقل إلى خطاب وطني جامع يضع الإنسان قبل الطائفة، والمواطنة قبل الهوية الفرعية.
فمن دون ذلك، سنظل نراوح مكاننا، فيما يزداد الخطر اقترابًا من أبواب الجميع… دون استثناء .