الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
قطعان ‬النو

بواسطة azzaman

قطعان ‬النو

قيس الدباغ

 

في‭ ‬افريقيا‭ ‬تكثر‭ ‬حيوانات‭ ‬النو‭ ‬،وهي‭ ‬شبيه‭ ‬بالبقر‭ ‬،ولكنها‭ ‬تتمتع‭ ‬برشاقة‭ ‬القوام‭ ‬،‭ ‬وكل‭ ‬قوتها‭ ‬ودفاعها‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬قوائمها‭ ‬وسرعة‭ ‬الجري‭ .‬وهي‭ ‬حيوانات‭ ‬تجوب‭ ‬افريقيا‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬الماء‭ ‬والكلأ‭ ‬،‭ ‬وتتنقل‭ ‬بقطعان‭ ‬كبيرة‭ ‬وتكمن‭ ‬قوتها‭ ‬وسر‭ ‬بقائها‭ ‬وديمومة‭ ‬حياتها‭ ‬على‭ ‬القيادة‭ ‬الحكيمة‭ ‬للقطعان‭ ‬،فهذه‭ ‬القيادة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تجنب‭ ‬العشيرة‭ ‬من‭ ‬مخالب‭ ‬وأنياب‭ ‬الحيوانات‭ ‬المفترسة‭ ‬من‭ ‬الأسود‭ ‬والضباع‭ ‬وكلاب‭ ‬البراري‭ ‬المتوحشة‭ ‬والتماسيح‭ ‬اثناء‭ ‬عبور‭ ‬ممرات‭ ‬الأنهار‭ ‬،‭.‬

تعتمد‭ ‬القيادة‭ ‬على‭ ‬ستراتيجية‭ ‬حكيمة‭ ‬جدآ‭ ‬،فترى‭ ‬قائد‭ ‬القطيع‭ ‬تحيط‭ ‬به‭ ‬نخبه‭ ‬من‭ ‬الأبقار‭ ‬الأكبر‭ ‬سنا‭ ‬ومن‭ ‬الذين‭ ‬خبروا‭ ‬دروب‭ ‬الهجرة‭  ‬ومسالكها‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭ ‬،فتراهم‭ ‬يشاورون‭ ‬القائد‭ ‬وينصحونه‭ ‬بهمهات‭ ‬مستمرة‭ ‬لغرض‭ ‬تعديل‭ ‬المسارات‭ ‬الخطرة‭ .‬

وكما‭ ‬تعتمد‭ ‬هذه‭ ‬الحيوانات‭ ‬على‭ ‬حواس‭ ‬الشم‭ ‬وتحسس‭ ‬مسارات‭ ‬الهواء‭ ‬لتجنب‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬مصائد‭ ‬الحيوانات‭ ‬المفترسه،‭ ‬ويقسم‭ ‬القطيع‭ ‬الى‭ ‬عدة‭ ‬قطاعات‭ ‬،قلنا‭ ‬ان‭ ‬القيادة‭ ‬والحكماء‭ ‬في‭ ‬الأمام‭ ‬لرسم‭ ‬سياسات‭ ‬ومسارات‭ ‬التنقل‭ ‬الآمن‭ ‬،وفي‭ ‬الوسط‭ ‬تسير‭ ‬الحوامل‭ ‬والولادات‭ ‬الحديثة،خلفها‭ ‬مجموعة‭ ‬نشطة‭ ‬وقوية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الاشتباك‭ ‬مع‭ ‬الأعداء‭ ‬،وبينهما‭ ‬الحيوانات‭ ‬الضعيفة‭ ‬والمريضة‭ ‬ليتم‭ ‬تقديمها‭ ‬اضحيات‭ ‬ليتلهى‭ ‬بها‭ ‬المفترس‭ ‬انقاذا‭ ‬لكامل‭ ‬القطيع‭ ‬من‭ ‬الافناء‭ ‬والدمار‭ .‬

وعند‭ ‬المرور‭ ‬بتقاطعات‭ ‬المياه‭ ‬،يتم‭ ‬دفع‭ ‬الضعفاء‭ ‬للعبور‭ ‬أولا‭ ‬والذي‭ ‬يتعثر‭ ‬منهم‭ ‬يكون‭ ‬طعمه‭ ‬للتماسيح‭ ‬وأثناء‭ ‬انشغال‭ ‬التماسيح‭ ‬بالصراع‭ ‬يتم‭ ‬عبور‭ ‬اكبر‭ ‬عدد‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬القطيع‭ ‬الى‭ ‬بر‭ ‬الأمان‭ ‬،ان‭ ‬اهم‭ ‬عامل‭ ‬من‭ ‬عوامل‭ ‬بقاء‭ ‬تلك‭ ‬القطعان‭ ‬هو‭ ‬ليس‭ ‬امتلاكها‭ ‬أنياب‭ ‬قاتله‭ ‬ولا‭ ‬مخالب‭ ‬جارحة‭ ‬،كل‭ ‬قوتها‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬القيادة‭ ‬الحكيمة‭ ‬والتشاور‭ ‬مع‭ ‬اهل‭ ‬الخبرة‭ ‬والدراية‭ ‬،وتوزيع‭ ‬مكامن‭ ‬القوة‭ ‬وحماية‭ ‬نقاط‭ ‬الضعف‭ ‬،ثم‭ ‬التضحية‭ ‬بالقدرات‭ ‬الواهنة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بقاء‭ ‬واستمرارية‭ ‬ديمومة‭ ‬الحياة‭ ‬لبقية‭ ‬أبناء‭ ‬القطيع‭ ‬،العجيب‭ ‬ان‭ ‬هذه‭ ‬الحيوانات‭ ‬البرية‭ ‬يطلق‭ ‬عليها‭ ‬صفة‭ ‬البهائم‭ ‬،في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬هنالك‭ ‬قادة‭ ‬مجتمعات‭ ‬وشعوب‭ ‬اوردوا‭  ‬شعوبهم‭ ‬مهاوي‭ ‬الردى‭ ‬والجوع‭ ‬والاضطهاد‭ ‬،وتطلق‭ ‬عليهم‭ ‬صفات‭ ‬هي‭ ‬اقرب‭ ‬لصفات‭ ‬الربوبية‭ ‬وهم‭ ‬أدنى‭ ‬من‭ ‬مرتبة‭ ‬البهائم‭ ‬بل‭ ‬أضل‭ ‬سبيلاً‭ ‬،‭ ‬يا‭ ‬حبذا‭ ‬لوكان‭ ‬لدينا‭ ‬قيادات‭ ‬بحكمة‭ ‬ودراية‭ ‬بهائم‭ ‬النو‭, ‬والمشتكى‭ ‬لله‭ ‬الواحد‭ ‬القهار‭.‬


مشاهدات 38
الكاتب قيس الدباغ
أضيف 2025/07/05 - 12:38 AM
آخر تحديث 2025/07/05 - 4:20 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 130 الشهر 2393 الكلي 11156005
الوقت الآن
السبت 2025/7/5 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير