فاتح عبد السلام
الكلام عن إمكانية توقيع اتفاق جديد بشأن النووي بين الولايات المتحدة وإيران، لا ينفي أبداً وجود إمكانية أخرى منافسة من خلال مفاجآت قد تظهر في ليلة وضحاها. لذلك من الصعب الاطمئنان الى نتائج ما يجري، بالرغم من انه الطريق الوحيد المتوافر حاليا للخروج من الازمة وابعاد شبح الحرب.
يوجد في الدولتين أطراف تدعو الى التشدد في ملف المفاوضات. في إيران لا تزال كلمات المرشد الأعلى تتردد في اسماع قيادات سياسية وعسكرية وإعلامية، بشأن عدم الوثوق بالجانب الأمريكي ورفض المفاوضات المباشرة معه. وهؤلاء المتشددون الذين يقولون انّ الوسيط العُماني الحالي يوفر عدم التماس المباشر مع الامريكان، يعيشون وهماً كبيراً لا يستطيعون تفسيره، ذلك ان المفاوضات في النهاية تفضي الى خيارين، إما الفشل والانهيار وإعلان الحرب، أو الاتفاق على وثيقة تاريخية لا يمكن ان يجري توقيعها بالإنابة، وانما لابدّ من لقاء مباشر لذلك. وهنا المسألة التي بدت في تصريحات المرشد الأعلى عقائدية لن تكون كذلك، بسبب انّ الطرف الأمريكي هو ذاته بكل قناعاته قبل التوقيع وبعد التوقيع في حال حصول الاتفاق. وانّ مسألة الرفض الإيراني لا تعدو ان تكون أكثر من تكتيك تعبوي داخلي، وتكتيك سياسي خارجي ايضاً.
في الجانب غير الظاهر من عقلية الطرفين الامريكي والايراني، هناك اعتقادات قطعية بأن أوراق كل فريق منهما قوية للغاية.
ايران، وكما تحدّث رئيس تحرير صحيفة كيهان المقربة من الحكومة من الممكن ان تقلب العالم رأسا على عقب اذا جرت محاولة قلب الطاولة على ايران، فقد دعا حسين شريعمداري الى الخروج من اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية وغلق مضيق هرمز، وهو نموذج لصوت المتشددين، ولعله اقصى ما تملكه إيران إذا اندلعت الحرب، قبل التفكير بضرب قواعد أمريكية في المحيط الإقليمي، وهذا يعني الانتحار.
الولايات المتحدة تريد النتيجة التي قد قررتها قبل ان تبدأ بالمحادثات ولن تقبل أقل منها، وانّ الصين وروسيا تعرفان ذلك جيدا، وانّ اتصالات طهران من خلال زيارات عباس عراقجي وزير الخارجية، الى موسكو وبكين لن تغير القناعات الامريكية مطلقاً، فالعاصمتان الروسية والصينية غارقتان بمشاكلهما مع الإدارة الامريكية اصلاً، وانهما لن يغضبا واشنطن في الملف الإيراني، ذلك انّ لهما مسافة معلومة يدوران حولها ولكن لن يتجاوزاها أبداً.