الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أم قصي.. المروءة والإطلالة الوطنية

بواسطة azzaman

شهادة للتاريخ

أم قصي.. المروءة والإطلالة الوطنية

مارد عبد الحسن الحسون

 

تظل النخوة اختصاصاً عراقياً بأمتياز، وحين تأخذ طابعاً قوياً في مواقفهم رغم الخطر الجسيم الذي يهدد اصحابها يكون الالتزام بها واحدةً  من الانجازات التي لا يمكن التنصل عنها مهما بلغت التحديات المصيرية التي ترافقها.

لقد تعرفت خلال مسيرتي الحياتية على العديد من هذه النماذج المشرّفة  ودونت شهادات عنها على أمل ان اصدر مؤلفاً يحفظ  ما حققت من صروح مضيئة علما ان بعضها  يفوق الحالة الطبيعية في التصرف عندما يكون صاحبها على مساس  قريب مع الموت دون ان يؤدي ذلك للتخلي عن تلك  المواقف، وبعضهم قدم حياته للحفاظ على ما يعتمر نفسه من نخوة واغلبهم من البيئة العشائرية.

علامات واضحة

هناك  مواقف نخوة  لا يمكن ان تُنسى مهما تقادم الزمن عليها،إذ بقيت ومازالت  علامات واضحة في الحياة العراقية لرجال ونساء ابهرت الرأي العام العراقي بشواهد قلَّ نظيرها  ومن ذلك الموقف الوطني الكبير للسيدة الفاضلة عالية خلف صالح الجبوري أم قصي صاحبة اعلى وسام وطني في لحظة تاريخية حرجة جدا  كان فيها الحفاظ  على حياتها محفوفا بالمزيد من المخاطر ، بل وحياة كل عائلتها واقاربها ايضاً  ومع ذلك أبت الا ان تسجل لها مكانة في سجل البطولات الوطنية.

لقد التقيت هذه السيدة المبجلة بحكم مسؤوليتي مديراً لشؤون العشائر خلال احتفال كانت من ضيوفه الاساسيين ودار بيني وبينها حوار مازال احتفظ في ذاكرتي بجزء مهم منه.

الاصل في الموضوع  أنها  ضيفت في بيتها 58 منتسباً   من قاعدة سبايكر من عدة محافظات عراقية تقطعت بهم السبل خلال المذبحة التي ارتكبتها عصابات داعش الخسيسة الضالة.

لقد أمّنَ أحد اولادها وبنتها وصولهم الى  بيتها ضمن ضواحي ناحية العلم  بمحافظة صلاح الدين  ووضعت خطة أمنية محمكة لحمايتهم وتأمين المأوى لهم بأريحية وكرم ، كانت تحمل بندقيتها وتتناوب الحراسة مع اولادها لتوفير المزيد من الاطمئنان لهم ،كانت تتحرك بعزيمة قائد عسكري محنك يرافقها الصبر والثقة والانتباه لكل شاردة وواردة.

لقد أعدت نفسها وأولادها للقتال لحماية ضيوفها مهما كانت النتائج  ، وأذكر انني سألتها كيف جرت  الامور حينها واي شجاعةٍ توفرت لها ،قالت لي بالحرف الواحد،ابلغت اولادي هذه قضية شرف ونخوة علينا ان نكون گدهه واضافت كان هدفي الوحيد سلامة ضيوفي

ويهمني ان أشير وانا استذكر لقائي بهذه السيدة  واستذكرالنخوة الوطنية التي تميزت بها ان موقفها الوطني اعانني كثيرا  في اعتماد ما حققته، كنت اتحدث به في  اللقاءات التي اجريتها مع رؤساء عشائر وكذلك خلال جولاتي الميدانية في المناطق العشائرية خاصة  ما يتعلق  بروح الاثرة الحسنة مشيرا الى المزيد من التقديرالذي  أنجزته هذه السيدة.

لقد  اضافت السيدة ام قصي الى سجل المروءات  العراقية  اطلالة وطنية باهرة،بل  صفحةً خالدةً من الشجاعة  والاصرار البطولي الوطني الذي   تميزت به المرأة العراقية عبر التاريخ. ولهذا  وصفتها المرجعية الرشيدة طوعة في اشارة الى السيدة طوعة التي استطاعت ان تحمي مسلم بن عقيل مبعوث الامام الحسين عليه السلام الى الكوفة، وحين يُسبغ عليها لقب ام العراقيين فهي حقاً تستحق هذه الصفة الامومية الوطنية.


مشاهدات 83
الكاتب مارد عبد الحسن الحسون
أضيف 2025/04/19 - 1:03 AM
آخر تحديث 2025/04/20 - 12:24 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 61 الشهر 19987 الكلي 10900634
الوقت الآن
الأحد 2025/4/20 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير