مشتل بعقوبة بين حماية الدولة وأنياب الإستثمار
ديالى .. تحذيرات من تغلغل متسوّلين أجانب بلا هوية واضحة
ديالى ــ سلام الشمري
شهدت محافظة ديالى خلال السنوات الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في ظاهرة التسول، خاصة ما يُعرف بالتسول الوافد، وهو القادم من محافظات أخرى وحتى من خارج البلاد وقد ترافقت هذه الظاهرة مع تحديات أمنية واقتصادية واجتماعية، دفعت الجهات الرسمية إلى اتخاذ إجراءات للحد منها، وسط مخاوف من استغلالها بطرق منظمة أو ارتباطها بعناصر مجهولة الهوية.
وبين ما هو ظاهر للعيان وما تخفيه التفاصيل، جاءت الأرقام في تقرير رسمي لمفوضية حقوق الإنسان لتكشف ما تحقق، وما يزال يثير القلق في ملف التسول داخل ديالى.
ملفات معقدة
وقال مدير مفوضية حقوق الانسان في محافظة ديالى صلاح مهدي المجمعي ، لـ (الزمان) ، إن (التسول يعد من الملفات المعقدة في المحافظة خاصة خلال السنوات الأخيرة بسبب تصاعد وتيرة ما يُعرف بالتسول الوافد القادم من بعض المحافظات، بالإضافة إلى رصد وجود جنسيات عربية وأجنبية بين المتسولين خلال السنوات الثلاث الماضية). وأضاف المجمعي ،أن (التقرير الأخير يُظهر انخفاضاً في نسب التسول الوافد بنسبة 35 بالمئة، نتيجة الإجراءات الأمنية المتخذة لمنع التسول في التقاطعات والشوارع والساحات العامة، إلى جانب تشديد الإجراءات في مداخل المدن)، مبيناً أن (حالات التسول لا تزال تُرصد بين الحين والآخر، خصوصاً في بعض مناطق ديالى رغم الجهود الأمنية المستمرة). وأشار إلى أن (المؤشرات حتى الآن لا تُظهر تورط أي من المتسولين في جرائم جنائية مثل السرقة أو السطو، إلا أن وجود أشخاص يحملون جنسيات عربية وأجنبية يستوجب المزيد من التحري واليقظة، لكشف كيفية دخولهم البلاد، وما إذا كانوا يحملون إقامات رسمية، ومدى تأثيرهم على الأمن والاستقرار في المحافظة) .
ويقول مراقبون محليون للشأن في ديالى لـ (الزمان) ، ان (التسول لم يعد مجرد حالة فردية أو مشهد موسمي، بل أصبح ملفاً يثير تساؤلات حقيقية عن من يقف خلفه، ومن يدخل إلى المحافظة من دون هوية واضحة) . واضافوا ، ان ( في شوارع ديالى، بين زحمة السيارات وضجيج الأرصفة تمتد أيادٍ صغيرة وكبيرة تطلب شيئاً من الفُتات وجوه مألوفة وأخرى غريبة تظهر وتختفي، وكأنها جزء من مشهد يتكرر كل يوم، لكن خلف هذه المشاهد اليومية، توجد حكاية معقدة ومقلقة، لا تتعلق فقط بالفقر أو الحاجة، بل بتغيّرات أكبر تتسلل بصمت إلى قلب المدينة ) .
وفي قلب مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالى ، حيث تختنق المدينة بزحامها اليومي وتتشبث بآخر أنفاسها الخضراء يقف مشتل بعقوبة شامخًا كأمل أخير، وفسحة حياة وسط امتداد الإسمنت والزحام ، هذا المكان الذي تجاوز كونه مجرد أرض مزروعة، صار ذاكرة خضراء لأجيال، وملاذًا بيئيًا نادرًا في مدينة تئن من اختناق عمراني متسارع. اليوم، تُهدد هذه الرقعة الخضراء الوحيدة بخطر الزوال، وسط محاولات متصاعدة لتحويلها إلى مجمع سكني، بذريعة الاستثمار، في مشهد يعكس صراعًا حادًا بين منطق الربح الفوري وحق المدينة في التنفس. وقال النائب السابق عن محافظة ديالى فرات التميمي لـ (الزمان) ، إن (مديرية زراعة ديالى لديها مشتل كبير تصل مساحته إلى أكثر من دونمين يقع في وسط مدينة بعقوبة، وهو آخر ما تبقى من المناطق الخضراء في وسط هذه المدينة الكبيرة).
محاولات حديثة
لافتًا إلى أن (المشتل وفق المسارات القانونية يعد من أملاك وزارة المالية). واضاف التميمي ، إلى أنه (هنالك محاولات حديثة من قبل جهات متعددة للاستيلاء على هذا المشتل بذريعة الاستثمار وتحويله إلى مجمع سكني)، مبينًا أن (هذا المشتل هو آخر ما تبقى من المناطق الخضراء في المدينة، وتحويله إلى مجمع سكني سيفقدها هذه الميزة ).ودعا التميمي ، إلى (إيقاف ما أسماها محاولات التهام قلب بعقوبة الأخضر وضرورة الحفاظ على هذه المنطقة الخضراء في قلب مدينة يصل تعداد سكانها إلى ربع مليون نسمة) .
واكد على ( ضرورة تغيير بوصلة الاستثمار السكني في ديالى بشكل عام، وابتعاده عن مراكز المدن من أجل نقل الكثافة السكانية إلى محيطها)، مشيرًا إلى أنه (ما فائدة الاستثمار في منطقة هي أصلاً تعاني من اكتظاظ السكان، وبالتالي هذا الاستثمار سيولد ضغطًا آخر على الخدمات الأساسية) . يذكر ان مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالى، تواجه تحديات بيئية وعمرانية متزايدة مع التوسع السكاني والضغط على البنية التحتية وسط هذا التحدي، يأتي المشتل الواقع في قلب المدينة، الذي يمتد على أكثر من دونمين من الأراضي الخضراء، ليكون آخر ما تبقى من المساحات الطبيعية في منطقة مكتظة بالسكان.