الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
إفادة صبري القيسي.. شواهد ودلالات

بواسطة azzaman

إفادة صبري القيسي.. شواهد ودلالات

حسين الزيادي

 

 التاريخ من أهم الركائز التي تستند عليها الشعوب، واهم عوامل تطورها ونهضتها،  ومحاوله الغاء التاريخ والاستهانة بأحداثه او تناسيه يعني فقدان الامة لجزء كبير من هويتها، كما ان طمس حقائق التاريخ والمرور عليها مرور الكرام يُعد اجحافاً وغبناً للدماء الزكية التي روت تراب الوطن بعطر دمائها ، وفي تناسي التاريخ تشجيعاً للمجرمين والظلمة والطغاة ، وبالتالي مزيداً من الانتهاكات والتجاوزات وربما تكرار التجارب الاليمة والوقوع في الاخطاء نفسها.

شخصيات مهمة

هناك العديد من الجوانب التي يمكن الاستدلال عليها من خلال شهادة المتهم سعدون صبري القيسي، وهو من الشخصيات التنفيذية المهمة في النظام السابق والتي لايمكن تجاوزها لما يمتلكه من خلفية امنية وحكومية وقرب من مركز القرار:

اول الجوانب التي يمكن ان يلحظها المُتلقي هي البساطة والسلاسة والانسيابية التي يتكلم بها المتهم عن عملية القتل، وهو أمر ينم عن حقيقة ربما تكون غائبة عن البعض: مفادها ان عمليات الإعدام كانت تتم على قدم وساق بلا محاكمات او اوامر قضائية، وهذا يعني انها ليست اعدامات بالمعنى القانوني بل هي حالات قتل مع سبق الاصرار والترصد ، لان الاعدام عبارة عن عقوبة يوقعها القضاء نتيجة فعل اجرامي، فهو إجراء قضائي من أجل العقاب أو الردع العام والمنع.

ان ما يطلق عليه مجازاً عمليات اعدام كانت تتم من قبل اجهزة قمعية تابعة للسلطة تنفيذاً لأوامرها وموافقتها ومباركتها ، بمعنى آخر ان الإعدامات لم تكن باجتهاد شخصي من قبل رؤساء الاجهزة القمعية علماً ان تلك الاجهزة مخولة بالقتل فهي تمتلك تلك الصلاحيات .

الأمر يمكن ملاحظته من خلال الانسيابية التي يتكلم المتهم وهو الجانب المهم الذي اشارت له الافادة هو وجود المقابر الجماعية، حيث كانت اداة الحفر(الشفل) تتواجد حيثما وجدت عمليات القتل.

 الجانب الآخر الذي تشير له افادة المتهمين انه ليس هناك احد بمنأى عن آلة القتل البعثي بما في ذلك الرموز العراقية ، بل ان الانتقام من الرموز الدينية العراقية يعني عملية تحدي لطائفة واسعة من الشعب. ان البطولة التي أبداها الشهيد الصدر أصبحت خارطة طريق لكل الأحرار وكسرا لقيود العبودية بتصديه لكل قوى الشر والطاغوت فقد سجل السيد الصدر انتصاراً فكرياً ونظرياً وعملياً للإسلام ، حينما رفض المساومة على حياته وآثر على نفسه المضي الى ربه شهيداً مضرجاً بدمه، بعد أيام من الاعتقال والتعذيب الشديد تم إعدامه مع أخته العلوية الطاهرة بنت الهدى فكانت دماءه بمثابة المعاول التي هدمت دول الظلم والاستبداد. 

بما ان الشاهد احد ابرز القادة الامنين في النظام السابق وهو بصفة لواء في الامن وقد تنقل في مناصب حساسة جداً ، فان ذلك يشير الى ان البلد كان في حقيقته يرزخ تحت حكم مجموعة من القتلة والمجرمين تميز وضع حقوق الانسان في العراق بصورة عامة وحقوق الاغلبية العراقية بصورة خاصة في ظل النظام البعثي بشيوع العديد من الانتهاكات لحقوق الفرد المدنية والسياسية ، فالعراقي معرض ودون أبداء الاسباب للتوقيف او الاعتقال او الإعدام او الاختفاء .

ان العبث في التاريخ والاستمرار في طمس الحقائق امراً اعتادت عليه سلطة البعث، فهذا الشخص الذي  بلغ الثمانين من عمره يجب ان لا تؤخذ اعترافاته اخذ المسلمات ولا ينبغي الركون اليها بشكل كامل، فربما تكون افادته بهدف التمويه والتغطية على جرائم اسياده من باب إخلاص العبيد لطواغيتهم، لان بعض الادلة اشارت الى مقتل السيد الشهيد بشكل مباشر على يد هرم السلطة في العراق، أما اخته العلوية فاذيب جسدها بحسب بعض الروايات في التيزاب المركز، وهي وسيلة للتصفية اعتادت عليها سلطات البعث .

اشارت افادة المتهم الى الحقد العميق المبالغ فيه الذي يكنه نظام البعث لمعارضيه، فقد بالغ النظام في قمع معارضيه وكتم اصواتهم .

اجاب المتهم انه غير نادم على فعلته، وحقيقة ان تحليل هذا السلوك والمنطق لايمكن فهمه وفق السياقات الطبيعية والفطرة السوية ، لكنه امر الهي يشير الى سلب  التوفيق عن هذا النوع من البشر بسبب ما اقترفته يداه من جرائم، فقد شاءت ارادة الله تعالى ان يساق المجرمون  إلى جهنم ورداً.

منجماً للمعلومات

   اننا نعتقد ان القيسي يعد منجماً ثميناً للمعلومات ، ومع تحفظنا على بعض المعلومات ينبغي استمرار التحقيق معه ومع زملائه وبدقة أكبر، والتأكيد على كشوفات الدلالة فهي من الإجراءات الضرورية والأساسية التي تقررها محاكم التحقيق في الكثير من الجرائم، وتأتي أهميتها من كونها إجراءً يعزز دليلا ملحقا به وهو الاعتراف أو الإقرار الذي يدلي به المتهم أمام المحكمة فهي بمثابة الدليل المضاف إلى دليل موجود بالفعل ، لمعرفة حقائق تلك الفترة الدامية المظلمة، وخاصة ما يتعلق بعملية قتل السيد محمد باقر الصدر.

الناحية القانونية

من الناحية القانونية انافادة القيسي تشير الى حالات الإعدام خارج نطاق القانون فهو ببساطة القتل من قِبل جهات حكومية أو تحت سيطرة الحكومة، لكن دون أن يكون هناك أي أساس قانوني يجيز ذلك ، بمعنى  أن الشخص يُقتل بدون صدور حكم قضائي، ويتضح من خلال محاكمة سريعة لافادة المتهم ان هناك انتهاك واضح لكل المواثيق والاعراف الدولية ومبادئ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي ذكر في الجزء الثالث/ المادة السادسة ان : الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان، وعلى القانون أن يحمى هذا الحق، ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفا، ولا يجوز في البلدان التي لم تلغ عقوبة الإعدام، أن يحكم بهذه العقوبة إلا جزاء على أشد الجرائم خطورة وفقا للتشريع النافذ وقت ارتكاب الجريمة وغير المخالف لأحكام هذا العهد ولاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، ولا يجوز تطبيق هذه العقوبة إلا بمقتضى حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة.

كما ان ممارسات النظام وافعاله تتناقض مع دستور 1970 الذي نص في الباب الثالث الخاص بالحقوق والواجبات الأساسية / المادة العشرون: ان المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية.

 


مشاهدات 126
الكاتب حسين الزيادي
أضيف 2025/04/17 - 1:35 AM
آخر تحديث 2025/04/19 - 5:09 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 308 الشهر 18965 الكلي 10899612
الوقت الآن
السبت 2025/4/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير