الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
المنظومة الاخلاقية ومهنة التعليم

بواسطة azzaman

المنظومة الاخلاقية ومهنة التعليم

حسين الزيادي

 

كل شيء خارج نطاق الأخلاق لا شيء، فالأخلاق بوصفها قيمة اجتماعية تفرد بها الإنسان عن باقي المخلوقات، وتميز بها المجتمع الإنساني عن غيره, هي زينة الإنسان وحليته الجميلة وبدونها يفقد الانسان انسانيته، وبقدر ما يتحلى بها الإنسان يضفي على نفسه جمالاً وبهاءً ورونقاً وقيمة إنسانية،  وتشكل الأخلاق ركيزة أساسية من ركائز الوجود الإنساني ، ونمطاً حيوياً في الحياة الاجتماعية ، لأنها تسمو بالإنسان فوق الماديّات المحسوسة، فيرتقي الإنسان إلى درجاتٍ رفيعةٍ من الإنسانيّة، متجاوزاً للغرائز  والدوافع المرحلية، ويكُتسِب الفرد بذلك قبولاً اجتماعياً وقناعة نفسية، فضلاً عن الاجر الكريم، والثواب الجزيل ، فهي نظام من القيم يوجه حياة الانسان لأرقى مراتب الإنسانية، ولا تقتصر اهمية الاخلاق على الفرد، بل تتعدّى هذه الأهميّة لتعمّ المجتمع وتسهم في تشكيل نمطه الاجتماعي، ولاريب إنّ تمسُّك المجتمعات والأُمم بالأخلاق الحَسنة والتزامها بها، يُعدّ سبباً في حفظ ديمومة الأمم وبقائها، ودوام مجدِها وعزِّتها، بينما يُعدّ الانحلال الأخلاقي سبباً في زوال المجتمعات وانحلالها، وتلاشي كيانها وتفكك العلاقات الاجتماعية وانهيار المؤسسات 

    التعليم ليس مجرد أداء آلي يمارسه أي المعلم او الاستاذ ، فهو أكبر من كونه نقلًا للمعلومات أو توصيلاً لها ؛ فهذه المهنة تحمل رسالة تربوية ومعرفية لا يمكن ايصالها الا عندما يكون المعلم او الاستاذ قدوة لطلابه ومجتمعه من الناحية العملية والتطبيقية، وهي مهنة توجب على القائمين بها أداء حق الانتماء إليها إخلاصاً في العمل ، وصدقاً مع النفس والناس، وعطاءً مستمراً لنشر ثقافة الخير والعطاء والقضاء على الجهل والشر  ، والأستاذ الجامعي تحديداً قدوه لطلابه وهذا يعنى أن سلوك الأستاذ سيكون النموذج الذى يقيس الطلاب سلوكهم عليه، فهو نموذج وقدوة، يبعث برسائل اخلاقية مؤثرة في كل ما يقوله ويفعلة ويقرره داخل الجامعة وخارجها ومسئوليته المهنية عن النمو الاخلاقي والتربوي ربما تكون أخطر من مسؤوليته العلمية والمعرفية لانه النموذج الذي تتطلع إليه أنظار الآخرين، ومن هنا يجب أن يحاول الأستاذ جاهداً أن يقدم في أقواله وأفعاله نموذجا طيبا يحتذي به طلابه، وان يغرس في نفوس طلابه القيم السامية والأخلاق الحميدة والابعاد الروحية، والقيم التي باتت تشكل اهمية في عصرنا الحاضر كاحترام الوقت، والتعايش السلمي، وقبول الآخر والتعددية، والحوار البناء، ولاريب ان الانزلاق إلى سلوكيات منحرفة يشكل نموذج سيء للطالب وللمجتمع، وبذلك يكون الأستاذ قد أخل بمسئوليته الاخلاقية إزاء المساهمة في النمو المعرفي والخلقي السليم للطالب.

لذلك نحن بحاجة الى ترميم المنظومة الاخلاقية واعدادها وفق أسس وقواعد ونظريات علمية، لان أثر المعلم لا يقتصر في نطاق مادته العلمية، فهو باخلاقه واتجاهاته وقيمه وعاداته وسلوكه يسهم بشكل اعمق في بناء الإنسان.

من هذا المنطلق، كانت الأخلاق من أهم الأمور التي تؤكد عليها المؤسسات التعليمية، والتي يجب أن يتحلى بها المعلم لان أهمية الأخلاق تنطلق من اعتبارات مهمة ابرزها اثرها  الكبير في بناء الشخصية الإنسانية، فهي قوام شخصية الإنسان السوي، فالإنسان لا يقاس الا بأخلاقه وأعماله المعبرة عن هذه الأخلاق ، يقول تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ).

 

 


مشاهدات 94
الكاتب حسين الزيادي
أضيف 2025/04/14 - 4:31 PM
آخر تحديث 2025/04/16 - 12:50 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 180 الشهر 15215 الكلي 10595862
الوقت الآن
الأربعاء 2025/4/16 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير