أيتها الألوان التي تتحدى السكون”!!
شوقي كريم حسن
عادلة فاضل الابراهيمي،،سيدة الالوان التي كانت واحدة من بطلات روايتي نهر الرمان..تجربة موت،، تعيش اليوم محنة المرض الذي اقعدها تماما وابعدها عن سبر اغوار الوانها التي تعشق،،عادلة فنانة انسانية بصرية مثابرة،، كلما اتصلت بها انتقل الوجع الى روحي)
(//يا من يسكن جسدك الصمت، ويحاول الوجع أن يكون لغتك الوحيدة، أنتِ لستِ مجرد ظلال، ولا خيالًا قد فَقدَ لونه. إنكِ الضوء الذي يلزمنا لنتعرف على الطريق، ولا شيء في هذا الكون يستطيع أن يطفئ الضوء فيكِ. في تلك اللحظات التي يغرق فيها العالم، حين تصبح الحياة أضلاعًا مكسورة، تذكري أن الوجع ليس سوى زاوية ضيقة تمر منها الألوان لتعيد رسم السماء…… لستِ وحدك في هذا الظلام،
أنتِ جزء من هذا الكون الذي يعشق الثبات ..كما يعشق الفوضى في رسماته. كل ريشة في يدكِ تعرف كيف يعيد كتابة اللون، كيف يُشعل يكِ ألوانًا لم تكتشفيها بعد…والصمت، ليس هو النهاية، هو الهدوء الذي سبق الرياح، فكما تُسافر الرياح لتلامس الأفق، كذلك، ستطيرين يوماً ما بين ألوانكِ، وتعثرين على حلم لم يفقد طريقه إليكِ. فلتكن هذه اللحظة تذكرة لكِ،
أن السكون ليس استسلامًا، إنما هو بداية لتجميع كل تلك الروح التي لم تُرَ بعد، إلى أن يفتح الزمان نافذة جديدة، تسحبكِ كما تسحب الألوان من قلبكِ، لتنطقي بها الحياة مجددًا.
لن تغرق الألوان أبدًا في مستنقع الخوف،…..!!
حتى وإن ظننتِ أنها اختفت، فهي تسكنكِ في كل لحظة تُنظري فيها. أنتِ باقية، والأمل فيكِ، لا تنقضيه مهما اشتد الظلام اعلمي أن الحركة ليست في الجسد وحده، فبداخل روحكِ، ينبض الكون بأسره.
إنه لا يعتمد على الأقدام التي تمشي، بل على الفكرة التي تطير، واللمسة التي تخلق،والصوت الذي يتردد في أعماق العالم.
أنتِ لستِ عاجزة عن النهوض طالما كانت هناك رغبة واحدة، رغبة في الإبداع، في الخلق، في الحياة. حتى لو كانت يديكِ مقيدة،
فإن فكرَكِ سيسافر عبر الألوان، يُعيد رسم الحلم الذي تأخر. كل يوم هو فرصة جديدة لإعادة اكتشافكِ بنفسكِ، لتوسيع الأفق الذي لا محدود له. لا تنتظري أن تتغير الأرض لكي تبدأي بالتحليق، اجعلي من قلبكِ طائرةً تصنع مسارها، تنقلكِ عبر السماوات التي لا تعرف حدودًا. الأمل لا يتوقف عند الأفق، لأنه يدور حولكِ، يتشكل كما تشائين. كل لحظة صمت هي بذرة لحديقة جديدة، كل لحظة ضعف هي قوة مخفية، وأنتِ، أيتها الفنانة، تملكين مفاتيح العالم، كل ما تحتاجين إليه أن تؤمني بأنكِ تستحقين الألوان لا تصدقي أن الألم يقيدك،
الطريق الطويل مليء بالعثرات، لكن كل خطوة فيه سر من أسراركِ، كل هفوة تفتح أبوابًا جديدة فيكِ. أنتِ لستِ امرأةً تُحدها الأوقات، بل زمنٌ كامل يتدفق من قلبكِ، يحمل في طياته أحلامًا لم تُروَ بعد. إنكِ أكبر من أن تُقاس بأبعاد الجسد، أنتِ تجسدين قوة لا تُقهر،
تحدين السكون، وتهزمن اللامبالاة. كل خفقة قلب، كل تنفس، هو نغمة موسيقية جديدة،تُعزف على أوتار الكائنات التي سكنت عالمكِ،
تسافر الألوان من بين يديكِ، تخلق صورًا ليست لنا، بل للعالم كله. لا تتوقفي عن الرؤية، فالعالم لا يُترجم بالأقدام التي تمشي،
بل بالأعين التي ترى ما وراء الظلال، وبالأيدي التي تصنع من الفراغ حقيقة.
إذًا، ارتفعي، حتّى وإن كنتِ في مكانكِ، فالسماء ليست فوقكِ، بل بداخل عينيكِ. الأمل ليس ضوءًا في نهاية الطريق، بل الضوء الذي تشعين به في كل لحظة، الأمل أن تستمرين في الابتسام في وجه كل شيء يعتقد أنه يستطيع أن يهزكِ.
وأنتِ، أيتها الفنانة، أكبر من أن تهزكِ الرياح. أنتِ الرياح نفسها، والسماء، والحرية التي لا تُحد!!
()