ليس المدار على الشكل
حسين الصدر
-1-
في تاريخنا شخصيات بارزة وشهيرة بالرغم من أنها لم تكن تملك ذرة من الجمال بل كانت تملك الدمامة والقباحة ومن أبرز الأمثلة على ذلك :
الحطيئة ،
الجاحظ ،
والحريري صاحب المقامات .
-2-
وكان الحريري صاحب المقامات – القاسم بن علي – دميمَ الخِلَقَة فجاءه رجل ليأخذ عنه الأدب فحين رآى دمامته ازدراه في نفسه ،
وأدرك الحريري ذلك ،
فلما ســــاله الرجل أنْ يملي عليه شيئا من الشعر والادب قال له الحريري :
اكتب :
ما أنتَ أولُ سارٍ غَرَّهُ قمرٌ
ورائدٍ أعجبتْهُ خضرةُ الدِمَنِ
فاخترْ لنفسك غيري انني رجلٌ
مثل المعيديّ فاسمعْ بي ولا ترني
( الدمن : المزبلة )
وفي الأمثال : تسمع بالمعيدي خيرٌ مِنْ أنْ تراه
وبهذين البيتين دُهِشَ الرجُل وأُعجب بهما وبسرعة البديهة عند الحريري ، وقوة ملاحظته
فقال :
كانت مسائلةُ الركبان تُخبرنا
عن ( قاسمِ بن عليٍ ) أطيبَ الخَبَرِ
حتى التقينا فلا واللهِ ما سمعتْ
أُذني باحسنَ مما قد راى بصري
وهكذا كان الادب الرفيع يجري على الالسن،
وأين نحن اليوم من تلك الأجواء الندية الحافلة بالجميل من الشعر .