فاتح عبد السلام
الجوانب الشخصية تلعب دوراً خطيراً في العلاقات السياسية، فكم من عداوات نشأت بين زعماء استنادا الى تقارير استخبارات بلدانهم، في حين انّ اللقاءات التي تجمعهم في ساعة تكون كفيلة لإزالة تراكمات من الانسدادات امدها سنوات. من حيث المبدأ، لا يوجد زعيم سياسي يحب اخر، حتى لو مكان حليفه الأقرب وناصره الوحيد، لكن هناك تفاوت في درجات تقبل أحدهم للآخر بما يكرس سمات إيجابية ويطمس سواها.
الرئيس الروسي بوتين سارع قبل لقائه المرتقب والمهم مع الرئيس الأمريكي الثائر في قراراته واندفاعاته الى القول ان السلام ممكن مع أوكرانيا لكن ليس من خلال رئيسها زيلنيسكي. وهنا جانب شخصي بارز يقف عائقا، وقد يكون هذا السبب مبررا لتراجعات روسية عن بعض المواقف في العلاقة الجديدة المنتظرة مع ترامب.
لدى العرب، تلعب علاقات الزعماء العرب الشخصية فيما بينهم لعب « الجوبي” كما يقول المثل العراقي. والشعوب لا تعرف لماذا يتخاصمون وما علاقة الخصومة بتحسين مستوى معيشة المواطن او مستقبل اطفاله وتعليمهم وزيادة الدخل العام للبلاد، لا شيء من ذلك يكون، فهي مهاترات واحقاد ذات طابع طاعن في الشخصية قد يكون بسبب أحاديث في مواقع التواصل الاجتماعي عن جوانب شخصية، لا تستغربوا من ذلك فلكثير من الزعماء ووزرائهم وزوجاتهم وقت كاف لتقليب صفحات في التواصل الاجتماعي، وطالما ترتب على ذلك انفعالات وقرارات وانقطاعات معينة في العلاقات الأكبر.
ترامب نفسه ينظر بعين الشك الى زعماء دول نشدوا ودّ الديمقراطيين والرئيس السابق المنتمي إليهم بايدن.
في العراق، هناك نوع آخر من الضغائن الشخصية بين الزعامات انتقلت من الأحقاد بين الأنواع الى الحقد بين جزئيات النوع الواحد، وهو واقع فرضته عوامل تفاقم النفوذ المالي والسياسي والولائي للأقطاب الخارجية تحت اشكال متنوعة ومبتدعة وربما شرعية من الفساد. وهذا هو الواقع ذاته الذي سينقصم ذاتيا وينهار فوقه أي بنيان يوهم نفسه بالبقاء. .