فاتح عبد السلام
الانسان خرّب الكوكب على مدى قرن، ويريد أن يستلحق نفسه من الوقوع في الدمار النهائي وفقدان موارد الماء والزراعة، بحسب المعطيات العلمية عن تدهور حالة المناخ. في حدود العام 2050، سيكون العالم كله على عتبة جديدة في استخدام وقود جديد او في الأقل عدم استخدام الوقود التقليدي المخلف للكاربون في معظم مجالات الحياة من التدفئة الى المركبات والمصانع والحقول.
اجل انها ليست قضية عابرة، اذ عندما يصل العالم عند ذلك السقف الزمني، لن يكون هناك من يشغله نفسه بأسعار النفط والغاز.
الدول التي لا تعرف لذاتها إيرادات او استخدامات الا من خلال نفطها او النفط الذي تستورده من دون التفكير بالبدائل مبكراً، والعراق في مقدمتها، ستكون أمام استحقاقات فظيعة، إذ يمكن ان نكون كمن عاد الى عصر ما قبل الحضارة بالقياس الى المعطيات الجديدة لحضارة لا تلتفت لمن يعجز عن اللحاق بها. من هنا نرى ضراوة رفض الدول النفطية لمقترحات نتائج مؤتمر المناخ في دبي.
المسألة لا تقف عن مشاركة وفد عراقي في هذا المؤتمر وتقديم موقف معين. العالم يسير بسرعة الضوء وإذا كان هناك من يصغي للاعتراضات اليوم فإن الاتي من الأيام القريبة قد لا تتيح لأحد الالتفات لنا، ونحن على نهاية مدرجة التطور، لأننا سنكون مشكلة لغيرنا أكثر من كوننا مشكلة لأنفسنا، فمن له إمكانية التفرغ لانتشالنا مما نحن نراوح عنده فيما العالم ينطلق الى أمام سريعا.
كثير من الدول الصغيرة والغنية فكرت بالخيار النووي السلمي واتجهت نحوه منذ سنوات وهي الان في طور قطف نتائجه، ومنها الامارات العربية. حتى انّ الخيار النووي كان اولوية لإيران بسبب ادراكها منذ عقود ثلاثة حاجتها الأساسية للانتقال لمرحلة ما بعد النفط، لولا انها خلطت ملف النفوذ الإقليمي مع ملف الاستخدام السلمي للمفاعلات النووية، واتسعت الفجوة بينها وبين الغرب بسرعة تجاذب أوراق الصراع في الخليج والشرق الأوسط.
العراق ليس له خيار سوى الانتقال الى المرحلة النووية السلمية عبر مشاريع جديدة تتبناها الدول الكبرى الحليفة، حتى لو أشرفت بنفسها عليها سنوات طويلة حتى نصل الى ضفة امان مناسبة.
لكن تخيّل معي انّ البلد باق في هذه العقلية التراجعية في التجديد والتحديث، ونريد الانتقال الى المرحلة النووية، أي تناقض هذا؟ لكن الا يجدر بنا ان نتغير جذريا، ليس لأهداف سياسية ضيقة وانما لأسباب تخص استمرار البلد في الحياة؟
رئيس التحرير-الطبعة الدولية