فاتح عبد السلام
في الديمقراطيات الحديثة توجد حكومات ظل، تقودها أحزاب المعارضة الكبيرة، وتصبح حين تتسلم الحكم لاحقا بعد اجتياز الانتخابات بنجاح، على اطلاع وثيق بمحطات سير العمل الحكومي ونجاحاته وعثراته، فتفيد من الأخطاء التي سبق ان شخصتها، وتعمل على تحقيق إضافات نوعية لكي تحمل طابعها الخاص.
بالرغم من انّ العراق له توليفة عجيبة اخترعها الحاكم الأمريكي المدني السابق بول بريمر وسار على هديها مَن جاء بعده من السياسيين المحليين، وهي توليفة لا تنجح في قيام حكومات ظل معارضة ، منضبطة وملتزمة بالقوانين والدستور، إلا انه بعد عشرين سنة تعيسة، لابدّ من التوقف ومراجعة هذه المسيرة «المدجنة والمقننة» من جوانبها التنظيمية الداخلية ذات الاختلال الواضح ، والذهاب الى مراجعة اشمل لكي يرى المسؤولون موقع البلد في عيون الدول الحليفة التي كانت سبباً أساسياً ونهائياً في وجود الطبقة السياسية التي تحكم بغض النظـر عن التبدل المرحلي للحكومات والحقائب.
هذه المراجعة لو تمت تعني انّ هناك مَن يفكر في مصير البلد لما هو آت خلال ثلاثين سنة مقبلة، وليس كحال وضعه الان الشبيه بتاجر حقيبة يتنقل من محطة الى أخرى ومن مدينة الى قرية.
لكن السؤال المستحق، هو: مَن له حرية أو حق القرار في نقل التفكير من مستواه السياسي الاستهلاكي البائد المليء بأمراض الأحزاب غير الناضجة الى خط شروع جديد في التعاطي السياسي مع الهم الوطني، بوصف كل الأحزاب لا وجود لها اذا انهار البناء العام للبلد الذي لا يبدو الدستور حاضناً لأركانه ولا تبدو القوانين اليوم ممسكة بجنباته، ولم يبق سوى التوافقات السياسية بين الاعمدة الكبيرة، كحد ادنى بالرغم من تدهور التأييد الشعبي وعزوف الناس عن فكرة إمكانية تحقيق التغيير عبر تداول الوجوه.
حكومة الظل بالمفهوم الديمقراطي الصحيح ليست الدولة العميقة عندنا، كما يفهم بعضهم.
هل مجلس النواب او الحكومة او الإطار الحاكم، له رغبة او إمكانية في تحقيق المراجعة التي بإمكانها مع الزمن ان تقطع الطريق على الفاسدين، اذا كانت هناك نية صادقة في محاربة الفساد وضرب حواضنه السياسية أولاً وقبل كل شيء.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية