إن جولة في وجوه البشر وسلوكياتهم تكشف عن ان هناك من هو قوي الشخصية، ومن هو ضعيفها. واذا جاز لي القول وصدقني الواقع فإن هذه المسألة يمكن أن تنسحب كذلك على الحالة الجمعية للشعوب والأمم.
صحيح أنه في كل مجتمع، لا بل وفي كل أسرة، هناك اختلافات في قوة شخصيات أفرادها، رغم أنهم ينشؤون في بيئة واحدة. ولكن، وفي العموم، تؤثر أعمال القمع وظواهر الخوف والتخلف على شخصيات البشر في ضعفها لا محالة.
فالمقموع هو ذلك الإنسان الذي كان قد منع من التعبير عن رأيه ورغباته وما يجيش في دواخله من مشاعر وأحاسيس ومعاناة، فتبقى حبيسة الكبت والحرمان.
وهكذا كذلك من يعيش هاجس الخوف في قول أو عمل أو موقف.
أما حكاية التخلف فتبقى أكبر العوامل في ضعف الشخصية عندما يعيش الإنسان في مجتمعات المعرفة والانجازية وبالتالي يجد نفسه ضعيفاً تحت أناس أقوياء معرفة ومهارة وحيلة في الحياة.
ان هذه الاشكالية ينبغي ان يتعامل بايجابية معها الساسة وذوو الاختصاص من أجل أن يبنوا أجيالاً ذات شخصية قوية تعينها على رفض أو مناقشة أو نقد ما تجده ليس صائباً أو صحيحاً في الحياة، من ناحية وتشجعهم على التعبير عن آرائهم ورغباتهم بحرية ومن دون خوف، من ناحية أخرى. ان غياب ذلك يجعل من منهل الحياة بركة راكدة آسنة.
وفي الحياة تترتب أشياء سلبية كثيرة على ضعف الشخصية، منها:
-عدم التأثير الايجابي على مجريات الحياة، مع ايماننا بقضاء الله وقدره
- الاضطرار الى مجاراة الأقوياء والقبول في العيش إمعة.
-عدم الشعور بالرضا والسعادة من قبل ضعفاء الشخصية جراء عدم التمكن من قول أو فعل ما يريدونه أو يرغبون به.
-عدم التمكن من لعب اي دور قيادي في الحياة، أو اللجوء الى العنف والقمع والديكتاتورية في لعب ذلك الدور.
-لضعف الشخصية تداعيات في سلوك صاحبها قد تقوده الى ارتكاب أفعال خطيرة جراء الكبت والحرمان والضغط والقمع النفسي.
وفي الختام نخلص الى أننا آباء وتربويون وساسة ورجال أمن، علينا ان ننتبه الى أساليبنا في تأدية مهامنا لكي لا نقع في المساهمة في اضعاف شخصيات ابنائنا ومن نحن مسؤولين عن نشأتهم وتشكيل أدوارهم في الحياة.