إتفاقية برتن وودز وعولمة الدولار (1)
البوّابات الإقتصادية الأمريكية للهيمنة على العالم
قتيبة آل غصيبة
كانت نهاية الحرب العالمية الثانية إيذاناً بتشكل نظام دولي جديد تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ؛ بالاعتماد على اقتصادها المتنامي ؛ إضافة الى قوتها العسكرية المتعاظمة ؛ فقد اصبحت عملتها (الدولار) العملة الاساسية في التعاملات التجارية العالمية ، فبعدما أصبحت الولايات المتحدة أكبر اقتصاد في العالم بعد الحرب العالمية الثانية ؛ تمكنت خلال تلك الفترة من خداع دول العالم باتفاقية «برتن وودز - عام 1944» ؛ إذ ساهمت هذه الاتفاقية في هيمنة الدولار الأمريكي على التجارة العالمية ؛ وقد نصت هذه الاتفاقية على أن يكون الدولار الأمريكي هو العملة الوحيدة التي يمكن تحويلها إلى ذهب ؛ مما جعله عملة موثوقة ومستقرة في نظر الدول الأخرى ؛ ثم أعقبها إنشاء «صندوق النقد الدولي»؛ الذي ساهم في تعزيز الثقة بالدولار الأمريكي من خلال تقديم قروض للدول التي تواجه صعوبات في ميزان المدفوعات ؛ بالتزامن مع قيام الادارة الامريكية بتدعيم اقتصادها ؛ من خلال تقديم التسهيلات وإجراءات تنشيط عمل الشركات والمصانع الامريكية ودخولها في الاسواق العالمية .
زيادة الدولار
فقد أفضت كل تلك الاجراءات الى زيادة الطلب على الدولار الأمريكي ؛ وأصبح العملة الأكثر استخداماٌ في التجارة العالمية، وبمعدل استخدام حوالي 85 بالمئة من المعاملات التجارية العالمية ، بعد ان كانت العملات الوطنية قبل اتفاقية «برتن وودز» مرتبطة بالذهب، مما يعني أن كل العملات المحلية كانت مدعومة بكمية محددة من الذهب ؛ إلا ان هذا النظام أعترته أزمات كبيرة في ظل ظروف الحرب العالمية الثانية ؛ واضطرت العديد من الدول إلى تقييد التجارة الخارجية وتبادل العملات ؛ فظهرت اتفاقية «برتن وودز» لتُنشيء نظام نقدي دولي جديد يكون أكثر مرونة واستقراراً ؛ وذلك وفقاً لخطط خبراء الاقتصاد الامريكان المؤسسين لهذه الاتفاقية ؛ وقد نصت الاتفاقية على أن الدولار الأمريكي هو العملة (الوحيدة) التي يمكن تحويلها إلى ذهب ؛ مما جعله عملة موثوقة ومستقرة في نظر الدول الأخرى ؛ ونتيجة لذلك ؛ أصبح الدولار الأمريكي العملة الأكثر استخداماً في التجارة الدولية ؛ وإن الدول التي ترغب في التجارة مع الولايات المتحدة تضطر إلى شراء الدولار الأمريكي ؛ مما يزيد من الطلب على الدولار الامريكي الذي اصبح العملة العالمية الوحيدة في التعاملات التجارية الدولية.
مشروع امريكي
وبغية أستكمال نجاح المشروع الامريكي في (عولمة الدولار) ؛ كان لابد لإدارتها ان تعمل على اتخاذ خطوات اقتصادية فعالة والعمل على تأسيس مؤسسات أقتصادية ومشاريع ساندة لهذه الاتفاقية ؛ تمثل في جوهرها بوابات او واجهات من أجل أحكام الهيمنة الامريكية على دول العالم ؛ فكان اول هذه البوابات هو (صندوق النقد الدولي) الذي تأسس عام 1944 بالتزامن مع «اتفاقية بريتون وودز» ، وثانيها (البنك الدولي للإنشاء والتعمير) الذي تأسس أيضا سنة 1944 في أعقاب «اتفاقية برتن وودز» ، والبوابة الثالثة هي «مشروع مارشال لاعادة أعمار أوربا» الذي أطلق عام 1947 والبوابة الرابعة ؛ هي (الوكالة الامريكية للتنمية الدولية) التي تأسست في عام 1961 ، والبوابة الخامسة هي (هي منظمة التجارة العالمية) التي تأسست مطلع عام 1995، أما البوابة السادسة للهيمنة الامريكية على العالم؛ هو (مشروع البترو دولار) الذي أطلقته الولايات المتحدة عام 1973 ؛ بعد انكشاف خداعها لدول العالم بربط الدولار بالذهب ؛ والذي تم إقراره بموجب قرارات مؤتمر «برتن وودز»
وبغية استكمال فهمنا لأهداف وأساليب تلك المؤسسات والمشاريع ؛ فسيتم بإذن الله مناقشتها في الحلقات القادمة ...