فاتح عبد السلام
كثير من الأوراق في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي، ليست بيد القوى الكبرى، وانما هي في متناول القوى الإقليمية، واليوم برزت قضية تبادل المعتقلين بين ايران والولايات المتحدة بوساطات متعددة، ومن ثم اطلاق ستة مليارات دولار مجمدة وباتت حرة في حسابات بنوك إيرانية، وهذه القضية تؤكد انّ اجبار الدولة الأعظم في العالم على التفاوض مع «الخصم الحقيقي او المفترض» لا يحتاج الى حروب وقتلى واسلحة متطورة وصواريخ عابرة للقارات، وانما هي ورقة صغيرة لا تتجاوز اعتقال شخص او اثنين او خمسة، ومن ثم بناء المفاوضات ذات الدلالات السياسية والمنافع الاقتصادية على أساسها.
ما يجري هو مطاولة بين الارادات في استمرار اللعب على الحبال المعلّقة عالياً بطريقة تبهر العيون وتشغل البال وبعيدا عن السقوط. الدول الكبرى تعي ذلك جيداً، وهذا ما أكده اليوم رئيس الحكومة البريطانية في تعليقه على إتمام صفقة التبادل الامريكية
الإيرانية بالقول:
من خلال سعيهم لاستخدام الرعايا الأجانب كورقة مساومة، يقوض قادة النظام مصداقية إيران على المسرح العالمي بشكل قاتل”.
وأضاف: «يجب عليهم التوقف عن استخدام الرعايا الأجانب في المساومة السياسية”.
ما يستطيع صنعه اللاعبون الصغار كثير في دول المنطقة، وقد يسهمون في اقلاق المصالح الغربية، ما دامت الملفات الكبيرة الخاصة بهم من دون حلول نهائية.
وما بين واشنطن وطهران ليس على ذلك الوضوح الذي يظهر في اخبار وكالات الانباء والتصريحات الرسمية، اذ لا يجري الكشف عن معنى مطالبة الامريكان في ضرورة التزام الإيرانيين بشروط العودة لطاولة مفاوضات النووي المعلقة، فالمسألة لا يمكن ان تكون فنية إلا في حدودها الدنيا، وانما هي بحاجة الى قرارات سياسية من المراكز الأولى العليا. ويبدو انه لا توجد قناعات للقيام بطفرة كبرى لحل كل ما هو عالق بين ايران والغرب، والأسباب كثيرة، لكن الظاهر منها هو عدم وجود ثقة كافية متبادلة ، كما انّ هناك تداخلًا بين الطموحات الإقليمية الواسعة لإيران والاستراتيجيات الكبرى للعمالقة في المنطقة ما بين الخليج والبحر المتوسط.
وسط ذلك كله، هناك مراهنة على الوقت من جهة، ومراهنة على المفاجآت من جهة اخرى، لكن لا يبدو خيار الحروب من النوع الذي جرى على العراق في معرض اية ازمة تبين للعيان مع ايران اليوم .
رئيس التحرير-الطبعة الدولية