وماذا عن تضييع الكتاب وإنخفاض مناسيب القراءة ؟
حسين الصدر
-1-
عصرنا عصر السرعة – كما يقال له – وقد أصبح الإعراض عن الكتاب والقراءة من أبرز ظواهِرِه المشهودة – للاسف الشديد – وطغت موجة الإقبال على مواقع التواصل الاجتماعي ونابَ ( الالكتروني ) عن ( المطبوع ) في عموم الأوساط ولم يعد هناك الا القلة ممن يجالس الكتاب ويجد في رحابه ضالته المنشودة .
-2-
وجاء في كتاب ( كشكول الكاظميات في القصص والحكايات ) - الذي أصدره مؤخراً الباحث الموسوعي سادن التراث الكاظمي الاستاذ المهندس الحاج عبد الكريم الدباغ رعاه الله – قصة مهمة نُقلت عن احد اعلام العراق وهو الاستاذ الدكتور المرحوم حسين على محفوظ خلاصتها:
ان احد اصحاب المطابع من الناشرين أبدى استعداده لِطَبْع مُؤَلَفٍ للدكتور محفوظ ، فما كان من الراحل الكبير الاّ أنْ قال له :
( انني أخاف عليك الخسارة لأنك سوف لن تجد من يشتري نسخة واحدة من الكتاب )
وهنا لابُدَّ أن نقف قليلا متأملين في الجواب حيث كَشَفَ عن قراءة دقيقة لما عليه الحال مِنْ انصرافٍ الكثرة الكاثرة من الناس عن القراءة وتضييع الكتاب، ثم تبرز النزعة الاخلاقية وتتجلى حين يقدّم الدكتور محفوظ –رحمه الله – مصلحة الناشر على مصلحته الشخصية، وينصحه بالإعراض عن طبع كتابه، حيث لا يجد مِنْ وراء ذلك ربحاً ، وينصرف
الناشر بالفعل عما أراد .
راجع كشكول الكاظميات في القصص والحكايات ص 249
انه لدرس ثمين في مراعاة مصالح الاخر وتقديمِهِ على كُلّ الحسابات الشخصية والمنافع الذاتية، في منحى دال على عمق المروءة والنبل والانسانية.
وهكذا تتجلى أبعاد الشخصية العراقية الصافية بالوانها الزاهية .