وماذا عن ظاهرة اللهاث وراء المال؟
حسين الصدر
-1-
في التاريخ من الشواهد والأدلة على أنَّ المال هو أعظم الأشياء التي يبحث عنها الناس ضاربين عَرْضَ الجدار ما تقتضيه الموازين والمعايير الدينية والاخلاقية والانسانية الاَّ الفريد النادر منهم ،
وأمام بريق المال يُسل لعاب الرجال والنساء سواء بسواء ..!!
-2-
جاء في التاريخ :
ان السيد المسيح عيسى (ع) خرج الى الصحراء ومعه ثلاثة من أصحابه فلما توسطوا الطريق رأوا لبنةً مِنَ الذهب مطروحة على الارض ، فقال عيسى (ع) لأصحابه :
" هذا الذي أهلك مِنْ كان قَبْلَكُم وايّاكم ومحبةَ هذا "
حذّرهم مِنْ فتنة المال فاستمعوا اليه دون أنْ ينبس أحدُهم بِبِنْتِ شفة ثم مضوْا في سبيلهم ،
وبعد ذلك أخذ كل واحد مِنْ هؤلاء الثلاثة يفكر في كيفية الاستحواذ على لبنة الذهب .
فجاء احدهم الى عيسى (ع) وقال :
ياروح الله :
ائذن لي بالرجوع الى البلد فاني أشعر بالألم ،
فَاَذِنَ له ،
ثم تقدم الثاني ،
ثم الثالث فَاَذِنَ لهم جميعا، ذهبوا الى تلك اللبنة وجلسوا عندها ليأخذوها فقالوا :
نحن الآن جياع فليمض أحدُنا الى البلد ليشتري لنا طعاما نأكله هنا ،
فذهب أحدُهم واشترى طعاما ثم صار يفكر في نفسه لو جعل في هذا الطعام سُمّا فيأكله صاحباه فيموتا ويحظى هو باللبنة وَحْدَه .
ونفذ الخِطّة وجعل السُم في بعض الطعام .
وأما صاحباه ففكرا أنْ يقتلاه بعد عودته ليحظيا بلبنة الذهب وحدهما فلما جاء بالطعام بادرا الى قتله .
ثم جلسا يأكلان فتسمم بدنهما وماتا .
فلما رجع عيسى (ع) وجد الثلاثة امواتا عند تلك اللبنة ، فدعا الله سبحانه أنْ يُحييهم فاحياهم فقال لهم :
ألم أقل لكم انّ هذا هو الذي أهلكَ مَنْ كان قبلكم فايّاكم ومحبّة هذا .
-3-
ونقرأ في كتاب الله قوله سبحانه وتعالى :
" واذا رأوا تجارةً او لَهْواً انفضوا اليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير مِنَ اللهو ومِنَ التجارة والله خير الرازقين "
الجمعة / 11
لقد ترك الذين يُراد منا ان نقتدي بهم – لأنهم كالنجوم وفق الرواية المزعومة – الرسول (ص) يخطب وانصرفوا عنه سعيا وراء ما يمكن ان يجنوه من المال ..!!
ولم يبق معه الاّ أمير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب (ع) وثلة من خيرة الأصحاب .
-4-
وبلّغ عبيد الله بن زياد اهل الكوفة :
ان يزيد بن معاوية أمرَهُ أنْ يزيد في عطائهم مائةً مائةَ وأنْ يُخرجهم لحرب عدوه الحسين ..!!
فسارعوا الى الالتحاق بالمعسكر الأموي .
-5-
وباع حيتانُ الفساد دينهم وضمائرهم ووطنيتهم من اجل الاستحواذ على الثروة الوطنية غير عائبين لا بالدين ولا بالاخلاق ولا بالمواطنين العراقيين .
وهكذا تتجدد فصول العبودية للمال، والانسلاخ من كل القيم والموازين العادلة من أجله .
وهنا يكمن التحذير الشديد .