جوليا والشيخ التهامي للكاتب يمني

القاهرة – باريس

عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة، صدرت رواية «جوليا والشيخ التهامي» للكاتب والمخرج السينمائي اليمني حميد عقبي، في 165 صفحة من القطع المتوسط، بلوحة غلاف من ريشة الكاتب ذاته وستكون توفرة في المعرض الدولي للكتاب بالقاهرة قريبًا. هذا العمل هو رواية  وشهادة أدبية على قبح سياسي واجتماعي يمني تراكم منذ عقود طويلة، فأنبت اليوم حاضرًا يمنيًا مأزومًا، يفيض بالفساد والتمييز والصراعات.

تدور الرواية بين ثلاث مدن/عتبات: تهامة بكل رموزها القبلية والدينية، صنعاء بما تمثله من مركز سلطوي هش ومخادع، وبرلين التي تظهر كخلفية بعيدة لحلم ضائع أو عزاء متأخر أو هروب. ومن خلال هذه الأمكنة، تتكشّف مسارات الانهيار الأخلاقي والسياسي في اليمن، حيث لا وجود لمؤسسات حقيقية قانونية ودستورية، بل وكلاء سلطويون وشيوخ ورؤساء عصابات يتحكمون  بمصير الناس كأمراء طوائف.

رسم عقبي شخصيات في هذه الرواية بدقة نفسية ولغوية وسينمائية. بشير، الشاب العائد من دراسة السينما في بغداد، يمثل ذلك الطموح الفردي الذي يصطدم بجدار التقاليد والتسلط والفساد. الشيخ مروان المشجدف، ليس فقط تجسيدًا للحكم القبلي المتوحش، بل مرآة لطبقة حاكمة لا تموت، بل تتكاثر، تدفن رأسها في الرمال وتترك الحريق يمتد. أما جوليا، فهي أكثر من امرأة، إنها كيان هارب من المعنى، ضوء خاطف في ممر مظلم، تذكير بأن الخارج يراقب، لكنه لا يغيّر شيئًا.

حاول عقبي تناول  قضايا شائكة متعددة مثل  ظاهرة التمييز الطبقي والقبلي، وملف العبودية المقنّعة، ويظهر أن سردة يعرّي سياسة «دفن الرأس» التي انتهجتها الدولة والنخب السياسية، وغضّت الطرف عن الظلم الاجتماعي، ما أدى إلى تراكم طبقات من العفن السياسي، جعلت من الفساد بنية لا استثناء.

حميد عقبي يكتب بلغة  ذات طابع بصري يُحاكي السينما، متجنبًا الإدانة المباشرة والخطابة، بل يعتمد التلميح والبناء الدرامي المتدرج، ليكشف بشاعة الواقع دون أن يُقحم القارئ في كليشيهات الحرب أو البطولة.

«جوليا والشيخ التهامي» رواية حاولت أن  تقرأ اليمن من قلبه الفاسد، وتضع أصبعها على جرحٍ ظلّ مفتوحًا طيلة عقود دون أي محاولة للعلاج.