الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
إستحقاق الدولة ومنهج النظام البرلماني

بواسطة azzaman

إستحقاق الدولة ومنهج النظام البرلماني

امير علي الحسون

 

يمرّ العراق بمرحلة سياسية دقيقة بعد الانتخابات الأخيرة التي شهدت مشاركة شعبية لافتة، منحت العملية السياسية شرعية واضحة، ووضعت القوى السياسية أمام مسؤولية تاريخية للانتقال من منطق التسويات المؤقتة إلى منطق بناء الدولة. لم تعد هذه اللحظة استحقاقًا انتخابيًا عابرًا، بل اختبارًا حقيقيًا للنضج السياسي والقدرة على احترام إرادة الناخبين. يقف الإطار التنسيقي اليوم أمام فرصة مفصلية لاتخاذ قرار استراتيجي يتمثل في تشكيل حكومة أغلبية وطنية، بوصفها خيار الدولة لا خيار السياسة الضيقة. فالتجارب السابقة أثبتت أن حكومات التوافق والمحاصصة أضعفت مؤسسات الدولة، وبددت المسؤوليات، وفتحت الأبواب أمام الفساد والشلل الإداري.

إن تجربة حكومة السيد محمد شياع السوداني قدّمت نموذجًا يمكن البناء عليه؛ إذ إن وجود غطاء سياسي واضح أسهم في تماسك الأداء الحكومي، واتخاذ خطوات حقيقية في تحجيم الفساد، وإبعاد عدد من شاغلي المناصب الفاسدين، إلى جانب تحريك المشاريع في التحسين البيئي والإعمار المستدام كما تحقيق تحسن كبير  في الوضع الأمني، الأمر الذي انعكس على ثقة الشارع ورفع نسب المشاركة الانتخابية.

غير أن طموح العراقيين يتجاوز هذه المنجزات، فهم يتطلعون إلى إصلاحات أعمق ومشاريع استراتيجية قادرة على معالجة الأزمات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية من جذورها. وهذا ما لا يمكن تحقيقه إلا عبر حكومة أغلبية واضحة المسؤولية والصلاحيات.

إن حكومة الأغلبية ستُعيد تنظيم العمل البرلماني، حيث ينقسم البرلمان بطبيعته إلى فريق حاكم يتحمّل أمام الشعب والمرجعية الدينية مسؤولية كل صغيرة وكبيرة في إدارة الدولة، وفريق معارض ومراقب يمارس دوره في المحاسبة والتقويم وكشف الأخطاء. وهذا هو جوهر ودَيدَن النظام البرلماني السليم، الذي يقوم على وضوح المسؤولية لا تشتيتها، وعلى المحاسبة لا التبرير الجماعي. كما أن تجربة التيار الصدري في الدعوة إلى حكومة أغلبية وطنية، رغم غيابه الحالي عن المشهد السياسي الرسمي، تبقى حاضرة بقوة في الوعي الشعبي، وتمثل تطلع شريحة واسعة من المجتمع إلى نظام سياسي ينهي المحاصصة ويؤسس لدولة قوية بمؤسسات فاعلة. إن العودة إلى منطق التوافق تعني إعادة إنتاج الفشل، أما الذهاب إلى حكومة أغلبية فهو استجابة لإرادة الناخبين، واحترام لمتطلبات النظام البرلماني، وخطوة شجاعة نحو استقرار سياسي حقيقي وبناء دولة قادرة على تلبية تطلعات شعبها.

 


مشاهدات 59
الكاتب امير علي الحسون
أضيف 2025/12/17 - 3:30 PM
آخر تحديث 2025/12/18 - 3:06 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 181 الشهر 13044 الكلي 12996949
الوقت الآن
الخميس 2025/12/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير