الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
هل تشكيل المحاكمِ العسكرية يتعارض مع الدستور ؟

بواسطة azzaman

هل تشكيل المحاكمِ العسكرية يتعارض مع الدستور ؟

غازي فيصل

 

في مقالةٍ للسيدةِ نقيبِ المحامين المحترمة، ذهبتْ فيها إلى أنَّ تشكيلَ المحاكمِ المذكورةِ خرقٌ دستوريٌّ واضحٌ؛ لأنه لم يستندْ على نصٍّ في الدستور، ولهذا دعتْ إلى إلغاء المحاكمِ المذكورةِ باعتبارها محاكمَ خاصةً منعَ الدستورُ إنشاءَها في المادة (95) منه. وبشأن هذا الرأي نوردُ الملاحظاتِ الآتية:

(1) نصت المادة (99) من الدستور على أن (يُنظَّمُ بقانونٍ القضاءُ العسكريُّ ويحددُ اختصاصَ المحاكمِ العسكريةِ التي تقتصرُ على الجرائمِ ذاتِ الطابعِ العسكريِّ التي تقعُ من أفرادِ القواتِ المسلحةِ وقواتِ الأمنِ وفي الحدودِ التي يقررُها القانونُ). والذي يتبدّى من النصِّ المذكورِ كالشمسِ وضحاها أنَّ الدستورَ اعترفَ بالمحاكمِ العسكريةِ، فهل يجوزُ لنا أنْ نقولَ إنَّ تشكيلَها مخالفٌ للدستور؟

قضاءِ عاديّ

(2) هناك فرقٌ مبينٌ بين المحاكمِ الخاصةِ والمحاكمِ المتخصصةِ؛ فالأولى محاكمُ تنشئُها السلطةُ الحاكمةُ بغيةَ حمايةِ نظامِها السياسيِّ وتعدُّ استثناءً مضروباً على ولايةِ القضاءِ العاديِّ، وهي تفتقرُ إلى الضماناتِ والمتهمُ فيها مدانٌ حتى تثبتَ براءتُه، ومن الأمثلةِ عليها محكمةُ الثورةِ التي شكلَها النظامُ المقبورُ والتي سِيقَ إليها العراقيون بتهمٍ باطلةٍ وتمَّ الحكمُ على المئاتِ منهم بعقوبةِ الإعدامِ، أما المحاكمُ المتخصصةُ فهي محاكمُ تُنشأُ بموجبِ الدستورِ وتختصُّ بنظرِ منازعاتٍ معينةٍ أو تنطبقُ على فئةٍ من العاملين في الدولةِ ومنها المحاكمُ العسكريةُ ومحكمةُ قضاءِ الموظفين ومحاكمُ العملِ وغيرها، وهذه المحاكمُ تقومُ على فكرةِ التخصصِ التي راجتْ في الأنظمةِ القضائيةِ في دولِ العالمِ اليومَ.

(3) يبدو أنَّ السيدةَ نقيب المحامين أثارتْ حفيظتَها حالةٌ فرديةٌ حصلتْ في إحدى المحاكمِ التابعةِ لجهازِ مكافحةِ الإرهابِ حينما منعتْ محامياً من حضورِ الجلسةِ تحت ذريعةِ أنَّ القانونَ لا يسمحُ بذلك في دعاوى الجنحِ، وهذه الحالةُ تدلُّ على سوءِ فهمِ المحكمةِ لأحكامِ القانونِ وبالتالي لا يجوزُ البتةَ القياسُ عليها والطعنُ بالمحاكمِ العسكريةِ على أنها محاكمُ خاصةٌ لا توفرُ للمتهمين الضماناتِ القانونيةَ.

(4) لو سلّمنا برأيِ السيدةِ النقيبِ وقلنا إنَّ تشكيلَ المحاكمِ العسكريةِ يتعارضُ وأحكامَ الدستورِ ((وهذا قولٌ غيرُ صحيحٍ إطلاقاً مع وجودِ نصِّ المادة (99) من الدستور))، فإنَّ الأحكامَ التي صدرتْ عنها منذُ نفاذِ الدستورِ ولغايةِ الآنَ تُعدُّ معدومةً ومنزوعةَ الآثارِ القانونيةِ، فهل من عاقلٍ يقبلُ بهذه النتيجةِ الخطيرةِ؟

نصوصِ دستوريةِ

خلاصةُ الرأيِ عندنا أنَّ ما ذهبتْ إليه السيدةُ نقيبة المحامين مخالفٌ لصراحةِ النصوصِ الدستوريةِ وبالأخصِّ المادة (99) منه وأنَّ هناك فرقاً مبيناً بين المحاكمِ الخاصةِ والمحاكمِ المتخصصةِ والذي لم تلتفتْ إليه، ولذا نلتمسُ منها سحبَ المقالةِ المذكورةِ حتى لا تُسجَّلَ مخالفةٌ دستوريةٌ على نقابةِ المحامين.


مشاهدات 56
الكاتب غازي فيصل
أضيف 2025/12/16 - 5:41 PM
آخر تحديث 2025/12/17 - 11:01 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 320 الشهر 12376 الكلي 12996281
الوقت الآن
الأربعاء 2025/12/17 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير