الكلمات وتحولاتها السميائية
شيخ عماد الدين
السميولوجيا علم يدرس حياة الدلائل داخل الحياة الاجتماعية أي وفقا للسميولوجيا أن العلامات والدلائل تتولد وتنشأ داخل المجتمع وتعيش مع البشر وتكتسب معناها من خلال العادات والتقاليد واللغة والدين والثقافة ولا تدوم الدلائل على معنى واحد وقد يختلف معناها حسب مختلف الثقافات.ترى السميولوجيا الظواهر علامة وتدرس كنهها وتتجاوز من المعنى السطحي إلى المعنى المضمر،واللغة عندها علامة وليس لها معنى معين بل تتصرف حسب السياق ولذلك عندما تدرس أي نص أدبي لا تدرسها لغويا ولا تقتصر على المفهوم القاموسي بل تعالجه مجموعة من العلامات الموضوعة لمعنى ما قد يختلف عن المعنى القاموسي.نحن بحاجة إلى التركيز على هذا العلم لعدة أسباب وعوامل فإننا لا نتمكن من الوصول إلى غور الأفكار ودرك النصوص إن نقتصر على جسم الكلمات وسطح النص كما لا نتمكن من إدراك النظرية الكامنة في النص دون أن نعتني بجوهر الكلمات ومضامينها،لتحليل الخطاب الديني والسياسي والأدبي لا بد لنا أن نستعين بقوانينها وإلا يبقى المعنى غامضا ومبهما مثلا هناك تعبير:"سيكون هناك لعب"،هذا تعبير عام ومعناه عام وكلنا نعرفه ولكن لما نطقت به رئيسة وزراء غرب البنغال على منصة سياسية قد تغير مفهومه تماما مع دلالته ولم يبقى على المفهوم السابق وأصبح تعبيرا سياسيا شائعا في غرب البنغال تغرده ألسنة السياسيين وهناك منشور على تويتر من قبل سياسي لحزب بي،جي،بي وقد نشره بعد أن فاز حزبه في ولاية بيهار وقد أصبح المنشور مثيرا للجدل والفوضى،كان المنشور مع صورة مزرع القرنبيط "لنزرع القرنبيط"،هناك تأريخ مأسوي وراء هذا التعبير وقد سبق أن قام الهناديس المتطرفون بمجزرة عدد هائل من المسلمين في ولاية بيهار ودفنوهم في مزارع القرنبيط وكان بهذا المنشور يحثهم على تكرار هذه الحادثة فنرى كيف يتحول المفهوم مع الزمان والمكان والسياق والثقافة وأصبح القرنبيط علامة للخوف في ثقافة ما! ومثله توجد تعابير أخرى يختلف مفهومها عن المعنى السطحي،كما في كتاب "تفسير غريبب القرآن" حيث أتى ابن قتيبه بعدة أمثال منها :"إذا الشمس كورت" قال ابن قتيبة إنها "غورت" وهذا وفقا لقوم ابن عباس و"أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ؟!: قال "إن الإبل :السحاب" و"ثم لا تسألن يومئذ عن النعيم" :إن النعيم:الماء الحار في الشتاء.لو تأملنا في أقوال علماء اللغة الآخرين وجدناهم يفسرون هذه الكلمات بشكل مختلف ويتخذون مفاهيم مختلفة.أما في الأدب تكثر التعابير التي يختلف مفهومها عن معناها السطحي كما في بيت من أبيات جميل بن معمر"لقد أورثت قلبي وكان مصصحا بثينة صدعا يوم طار رداؤها" :طار رداءها تعني الفراق،الهجر،البين،تدل هذه الجملة على معاناة النفس ومفهوم يختلف عن المعنى القاموسي من حيث نرى أن اللغة اعتابطية ولا طبيعية ولا مرآة للوجود بل إطار يشكل ويخلق الوجود ويحويه.
باحث في قسم اللغة العربية ،جامعة عالية،كولكتا