الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
النسبة المثالية لعدد الشرطة إلى السكان عالمياً

بواسطة azzaman

النسبة المثالية لعدد الشرطة إلى السكان عالمياً

أكرم عبدالرزاق المشهداني

 

  تُشكل نسبة أفراد الشرطة إلى عدد السكان احد المؤشرات الأساسية في تقييم مدى فاعلية أجهزة إنفاذ القانون في أي بلد. وغالباً ما يُستخدم عدد أفراد قوة الشرطة لكل مئة ألف نسمة كمعيار عالمي للمقارنة بين الدول والأنظمة الأمنية. لكن هل هناك بالفعل نسبة مثالية يُمكن تطبيقها عالمياً؟ وما هي المتغيرات التي تؤثر في تحديد هذه النسبة؟ وما تأثيرها على الأمن المجتمعي؟ هذه الأسئلة تطرح نفسها بقوة في السياق العالمي المتغير حيث تختلف الحاجات الأمنية من مكان إلى آخر ومن دولة لأخرى.

تاريخ المعايير الدولية لنسبة أفراد الشرطة

           على مدار العقود الماضية، سعت الكثير من الهيئات الدولية، مثل الأمم المتحدة ومكاتب الشرطة الإقليمية، لتطوير مؤشرات تساعد الدول في قياس مدى كفاية القوى الشرطية مقارنة بعدد السكان. بحسب بعض التوصيات القديمة الصادرة عن الأمم المتحدة والانتربول، كانت النسبة المقترحة تدور حول "شرطي واحد لكل 450 نسمة" أو ما يعادل تقريباً 222 شرطياً لكل 100 ألف نسمة. إلا أن هذه التوصية لا تعني وجود معيار مثالي ثابت، بل هي نقطة مرجعية أولية ينبغي مراجعتها وتكييفها حسب الظروف المحلية لكل دولة.

النسب العالمية الحالية بين أفراد الشرطة والسكان

              تشير الإحصائيات الدولية الحديثة إلى وجود تفاوت كبير بين الدول فيما يتعلق بعدد أفراد الشرطة مقابل عدد السكان. على سبيل المثال، بحسب تقارير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) لعام 2023، يتراوح متوسط عدد أفراد الشرطة في الدول حول العالم بين 150 إلى 450 شرطياً لكل 100 ألف نسمة. بعض البلدان النامية أو التي تواجه تحديات أمنية كبيرة قد ترتفع فيها النسبة إلى أكثر من 500 شرطي لكل 100 ألف نسمة، بينما قد تنخفض في دول أخرى ذات معدلات جريمة منخفضة إلى أقل من 150 شرطياً لكل 100 ألف نسمة.

دول أوروبا الغربية: تتراوح النسبة غالباً بين 300-350 شرطي لكل 100 ألف نسمة.

دول أمريكا الشمالية: في الولايات المتحدة وكندا، النسبة تقريباً 220-250 شرطي لكل 100 ألف.

دول آسيا: بعض دول شرق آسيا لديها نسب منخفضة نسبياً لا تتجاوز 150 شرطياً لكل 100 ألف نسمة.

دول أفريقيا: تفاوت كبير بحسب الاستقرار السياسي والأمني، فبعض الدول تصل النسبة فيها إلى 400-500 شرطي لكل 100 ألف نسمة.

العوامل المؤثرة في تحديد النسبة المثالية

هناك مجموعة واسعة من العوامل التي تجعل من الصعب تحديد معيار عالمي واحد يناسب جميع الدول، منها:

معدل الجريمة: الدول التي تعاني من ارتفاع معدلات الجريمة تحتاج إلى عدد أكبر من أفراد الشرطة.

الحجم الجغرافي والتوزيع السكاني: المدن الكبرى تحتاج إلى قوة شرطية أكبر مقارنة بالمناطق الريفية.

الموارد المالية والإدارية: قدرة الدولة على توظيف وتدريب أفراد الشرطة تختلف بحسب ميزانيتها وإمكاناتها.

التطور التكنولوجي: استخدام التكنولوجيا في أنظمة المراقبة والأمن يسهم أحياناً في تقليص الحاجة إلى عدد كبير من أفراد الشرطة.

الثقافة المجتمعية والثقة في الشرطة: المجتمعات التي تتمتع بثقة عالية في أجهزة الشرطة قد لا تحتاج إلى عدد كبير من الأفراد مثل المجتمعات التي تفتقر إلى هذه الثقة.

النسبة المثالية: واقع أم خيال؟

            رغم وجود توصيات عامة من هيئات دولية مختلفة، لا يمكن الجزم بوجود "نسبة مثالية" عالمية. فالنسبة تعتمد بشكل كبير على خصوصية كل مجتمع وحاجته الأمنية. بعض المراجع تشير إلى أن "200 إلى 300 شرطياً لكل 100 ألف نسمة" يمكن أن تُعتبر نطاقاً مناسباً ومثاليا في كثير من الحالات، لكن هذا لا يصلح كقاعدة ذهبية. ومن المهم أيضاً الإشارة إلى أن جودة التدريب، والكفاءة، ومستوى التجهيز الفني للأفراد تلعب دوراً أساسياً في تحقيق الأمن، وليس فقط العدد المجرد.

دراسات حالة نسبة الشرطة للسكان حول العالم

النرويج: بالرغم من انخفاض نسبة الجريمة فيها حيث أن معدلات الجريمة فيها هي الأدنى عالمياً بفضل الكفاءة العالية والثقة المجتمعية الكبيرة في الشرطة الا ان أفراد الشرطة (أقل من 175 لكل 100 ألف نسمة)،

البرازيل: نسبة أفراد الشرطة مرتفعة نسبياً (تتجاوز 400 لكل 100 ألف)، لكن مستويات الجريمة لا تزال مرتفعة بسبب مشاكل الفساد وضعف التدريب.

اليابان: نسبة أفراد الشرطة تقل عن 200 لكل 100 ألف نسمة، إلا أن مستوى الانضباط وكفاءة الأنظمة الأمنية يحققان معدلات أمان عالية جداً.

توصيات وتوجهات مستقبلية (النوع قبل الكم):

    يبدو أن المستقبل يتجه إلى إعادة تعريف مفهوم النسبة المثالية عبر التركيز على النوع قبل الكم من خلال:

رفع كفاءة أفراد الشرطة وجودة التدريب واعتماد الاساليب العلمية في الاداء.

استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي والتحليل الأمني.

الاعتماد على المشاركة المجتمعية وتعزيز الثقة بين الشرطة والمواطنين.

توزيع الموارد البشرية بشكل مدروس بناءً على احتياجات كل منطقة.

في الختام نخلص الى انه لا توجد نسبة عالمية مثالية محددة لعدد أفراد الشرطة إلى عدد السكان. ويُنصح غالباً بنطاق ما بين 200 إلى 300 شرطي لكل 100 ألف نسمة في الدول المستقرة ذات نسب جريمة متوسطة، لكن هذه النسبة تختلف بحسب الظروف المحلية. الأهم من العدد هو الجودة والكفاءة، ومدى انسجام الشرطة مع مجتمعها. ويبقى التحدي الأساسي أمام صناع القرار هو تحقيق التوازن بين تأمين الحماية الفعالة للمواطنين وبين الاستخدام الرشيد الكفوء للموارد البشرية والمالية.

لقد اجرينا قبل 2003 العديد من الدراسات حول النسبة المثالية لعدد الشرطة للسكان في العراق اعتمادا على:

حجم الجريمة وخطورتها.

قدرات الشرطة في كشف الغامض منها (نسبة المكتشف)..

المساحة الجغرافية لمنطقة المسؤولية.

نسبة كثافة السكان الى المساحة الجغرافية (نسمة لكل كيلومتر مربع).

طبيعة المنطقة اجتماعيا ونوعية العلاقة بين الشرطة والجمهور.

           علما كانت الشرطة العراقية قبل 2003 تعاني من نقص العَدد والعُدَد، وضئالة الامكانيات ووسائل الاسناد، وان نسبتها للسكان تقل كثيرا عن النسب العالمية، حيث كان عدد رجال قوى الامن الداخلي في محافظات العراق لا يزيد عن 70 الف, اما بعد 2003 فإن الأرقام المتداولة تتحدث عن ارقام تجاوزت ال 600 الف فرد.

                         ولنا عودة للموضوع لاحقا...

استشاري قانوني وامني


مشاهدات 19
الكاتب أكرم عبدالرزاق المشهداني
أضيف 2025/08/17 - 2:33 PM
آخر تحديث 2025/08/18 - 1:13 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 45 الشهر 12447 الكلي 11407533
الوقت الآن
الإثنين 2025/8/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير