فاتح عبد السلام
لم تشهد دولة في العالم خلواً من التعديل الوزاري كما يشهد العراق عبر الحكومات المتعاقبة على مدار عقدين. حتى في انتفاضة تشرين ذات الدماء المقدسة، حدث سقوط لحكومة كاملة سيئة الصيت على نحو اضطراري، ثمّ نفذت بجلدها من المحاسبة القانونية المفترضة.
في بلدان تخلو من الفساد وتعيش تقدما وانجازات في ملفات صناعية وعلمية وطبية واسعة نشهد تعديلات وزارية لتنشيط الإدارات وعدم الركون لمدة الدورة الكاملة التي قد تتجاوز أربع سنوات. في العرق لا أحد يعير أهمية للتعديل الوزاري، بالرغم من انّ هناك وزراء قضوا أكثر من نصف فترات دوامهم بالمنصب في سفرات خارجية غير ضرورية مطلقاً وكان بالإمكان ارسال وفود من مستويات اقل.
غير انّ المعنى الأكثر سوءا في مفهوم التعديل الوزاري هو عدم شمول وكيلي الوزارات ابدا بالتعديلات وكأنهم يشغلون مواقع ابدية وغير معنيين بمجيء حكومة وذهاب أخرى.
ينبغي أن نرتقي الى مستوى أعلى من مفاهيم التعديل، لنعدل نهج وزارة معينة ولا نكتفي بتغيير حامل حقيبتها، اذ ان أسس العمل الراكدة والمتدهورة احياناً، فضلا عن عدم وجود تميز وابتكار تدعو الى وقفة جادة، ينبغي ان يقفها مجلس النواب، لكن حتما ليس هذا الموجود حاليا الذي لا توجد بين أعضائه لغة تفاهم سوى القنادر واللكمات والدفرات والجلاليق المتبادلة.
اذا لم يحدث تعديل وزاري، حتى لو بقيت أربعة أشهر على الانتخابات فإنّ الحكومة التي ستأتي لاحقا ستسير على ثوابت تراها امامها وتظنها فوق الشبهات ليتعمق مع السنوات الخلل.
التعديلات الوزارية مفهوم واسع لا يعنى بالأشخاص فقط، وانّما هناك مستجدات ومستحقات تستدعي تصحيح مسارات، لاسيما في الوزارات التي «فاحت» رائحتها.
أما اذا لم تكن هناك أي عين قد رصدت اعوجاجاً هنا وتصدعاً هناك، فلا يوجد داع في الأصل لفكرة التعديل التي تقوم على التعامل مع الأعوج.
وهناك مفهوم آخر هو التغيير الوزاري، اكثر دقة وفاعلية من التعديل، وهذا أمر تعوّل عليه الأحزاب في توجيه حملاتها الانتخابية، وسط عدم مبالاة الأغلبية.