فم مفتوح .. فم مغلق
تحية لقناة (الشرقية) وربانها
زيد الحلي
في زمنٍ يتسابق فيه الكثيرون على العناوين العريضة، وتغيب فيه أحيانا اللمسة الإنسانية خلف جدار السرعة واللحظة، برزت قناة (الشرقية) ومؤسسها الاستاذ سعد البزاز في موقف لا يُنسى، حين اختارت الوفاء عنوانا، والكرامة مسارا، والتقدير دربا، في تعاملها مع رحيل أحد رموزها الكبار الاعلامي القدير صباح الربيعي.
لقد فُجعت (الشرقية) كما جمهورها، بغياب قامة إعلامية عريقة، فالراحل لم يكن مجرد مدير او مذيع أو مقدم برامج، بل كان ضميرا مهنيا نابضا، وشاهدا على ما وصلت اليه قناة (الشرقية) من مكانة عليا في عالم الفضائيات، حتى اصبحت ضيفة دائمة على ملايين المشاهدين.
ففي لحظة الفقد، لم تكتف (الشرقية) بنعي تقليدي عابر، بل فتحت شاشتها وميكروفونها وقلوب كوادرها لتكريس ساعات بثّها لأجل وداع العزيز صباح الربيعي بما يليق، وقدمت تغطيات متواصلة، وبرامج خاصة، وأعادت أرشيفًا من أعماله، وجعلت من وداعه درسا في الإخلاص، وأيقونة في ذاكرة الإعلام.
لقد أثبت الاستاذ البزاز ابا الطيب، أن من يزرع العطاء لن يُنسى، وأن (الزمالة) حين تصير قيما إنسانية، تثمر مواقف تهز الوجدان وتُبقي الأثر حيا.
وليس هذا الفعل الانساني، إلا دعوة صريحة لبقية المؤسسات الإعلامية بأن تراجع علاقتها بمن أعطوا لها سنين عمرهم، وقدموا لها النجاح والتألق. فالوفاء ليس ضعفا، بل قمة القوة، والتقدير ليس واجبا اجتماعيا فحسب، بل جزء من العدالة الأخلاقية والمهنية.
تحية كبيرة لمؤسسة اختارت أن تكون وفية، صادقة، حنونة، تجاه من خدمها، وبرهنت أن للذاكرة صوتا، وللمحبة فعلاً، وللمهنية وجدانا.
Z_alhilly@yahoo.com